الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:
عندما يكتب الشباب واقعهم المعاش بشفافية ويأتون على مواجعهم وأوجاعهم بدقة في عرض مسرحي, يحمل رسالة مفعمة بالحياة ممزوجة بروح الشباب المتألق أحياناً والمهزوم أحياناً، بالمرور على صعوبة الخيارات وهزيمة الأحلام ومطبات الإمكانيات.. عندما يصيغ الشباب رؤيتهم للصورة الحياتية المعاشة.. يأتي العرض المسرحي كما اشتغل عليه المخرج الشاب علي سلمان مع مجموعة من زملائه ليكون احتفاء خاصاً بالذكرى السادسة والستين لتأسيس وزارة الثقافة على خشبة مسرح طرطوس القومي تحت شعار “الثقافة رسالة حياة”.
أكثر من ساعة والجمهور مشدود الانتباه لكل حركة وكلمة وصوت، ذهب مع نبض الممثل على الخشبة تفاعل مع أنفاسه وضحكاته ودمعه ووجعه، تابع الحوار الغني بالصدق والحقيقة بلا رتوش أو أقنعة، حوار جاء على تفاصيل حياة الشباب في زمن الحرب فبدت الخشبة وكأنها مشرحة لمعاناة الشاب المسرحي المتصالح مع حاله لا يقفز فوقها لكنه عاجز، أسير طموحه ورغباته لكنه لا يسافر.
رغم برودة الطقس خارج حدود الخشبة، استطاع الممثلون أن يضيفوا جواً دافئاً ووقتاً ممتعاً من المشاهدة، ممزوجاً بحس الفكاهة، وأن ينقلوك إلى صورة من الصور التي آلت إليها حياة أغلب الشباب الذي يحق له أن يعيش بأمان واستقرار وضمن ظروف تحتضن طاقاتهم وطموحهم.
على الخشبة كانت طرطوس ببحرها وأمواجه، بمقاهيها ومعالمها، بشوارعها وحدائقها، طرطوس كانت حاضرة في قلوب الشباب النابض بالحب والحنين والشوق وبالفرح والحزن، المكان الذي يصبح الوجع عندما تضيع أحلامك ضمن حدوده وتفقد الأمان عندما تكون خارجه.
أضحكنا العرض جميعا وأبكانا جميعا عندما وضعنا أمام واقع أبنائنا الذين يحبون مدينتهم لكن لا أمل لديهم في أن يعيشوا أحياء بنبض يكفل لهم استمرار الرغبة أو القدرة على البقاء.
هكذا أحب الشباب المسرحيون الاحتفاء بذكرى تأسيس الوزارة- كما قالت مدير قومي طرطوس مضيفة: “يعرض المسرح القومي عرضاً بعنوان “احتفال خاص” والذي صار بفضل وجود هذا العدد من الجمهور احتفالاً عاماً، لكن برسائل خاصة ينقل من خلالها المخرج والممثلون المشاهدين إلى ساحات المدينة ومقاهيها وبيوتها، وأيضا إلى الخارج حيث يتواجد عدد لا يستهان به من السوريين.
ملخص ما يقال عن هذا العمل: إنه لوحة واقعية بشخوصها وأحداثها وأفكارها نجحت في اختراق الوجدان الجمعي ورسم الأسئلة العديدة، وإن كانت لوحة واحدة تعجز عن الإحاطة بالمشهد العام.”
الجدير ذكره أن “احتفال خاص: برعاية وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا من فكرة وإعداد المخرج علي سلمان، وأداء أمير عباس، وإيفان نابلسي، ومصطفى سليم، وتالا سلمان، وبشير سبيعي، العرض مستمر حتى يوم الخميس المقبل في الساعة السابعة مساء يومياً.
ومن الأهمية بمكان أن ننوه بفائدة المشاهدة ذلك، أن وقتاً كهذا يمضيه شبابنا في متابعة ما يعنيهم ويغنيهم أجدى من أمور أخرى خاصة، وأن البعض منهم يهدره في المقاهي من دون جدوى.