الثورة – عمار النعمة:
يوم بعد يوم يؤكد الشعب السوري بكل أطيافه أن سوريا أم الجميع ووطن الجميع ووسادة المتعبين، فيها العيش المشترك، والتشاركية، والتعاون، والعمل والعطاء والخير.
سوريا الثقافة والمثقفين، سوريا الحضارة والتراث المادي واللامادي، أرض التسامح ومساكب الإنسانية.
صحيفة الثورة التقت الأديب حبيب الإبراهيم ليحدثنا عن الثقافة والمثقفين فقال: ثمّة أسئلة تُطرح على امتداد ساحة الوطن تتعلق بالثقافة والمثقف ودورهما التنويري في تعزيز البناء الوطني، وترسيخ الوحدة الوطنية، فالمثقف الحقيقي لا يمكن أن يكون خارج دائرة التغيير وبناء المجتمع على أسس المواطنة الحقّة والتي لا يمكن إلا أن تكون لبنة أساسيّة في تطوّر المجتمع وبناء مستقبله القائم على أسس وطنية جامعة تقوم على التوازن بين الحقوق والواجبات.
وأضاف: إن غنى سوريا الثقافي والحضاري أعطاها دوراً محورياً وبعداً استراتيجياً، فهي كما كانت وستبقى جنة الله على أرضه، تمتلك حضارة موغلة في القِدم، كما تتميز بتنوعها الثقافي والمعرفي، مما جعلها تواجه تحدّيات مصيرية على مرّ العصور والأزمان، وكانت على الدوام تخرج منتصرة بوحدة شعبها الذي يشكل قاعدة النهوض والثراء، فالمثقف يحمل رسالة حضارية، إنسانية، وعليه نشر الوعي في مجتمعه وتصليب الوحدة الوطنية على أسس أخلاقية قائمة على المحبة والتسامح والإخاء.
الثقافة يجب أن تكون في خدمة الوطن، والمثقف هو الرائد في هذا المجال من خلال فكره النّهضوي النّير الذي يجب أن يكون في المقدّمة، وعليه نشر الثقافة والمعرفة بعيداً عن أي اصطفافات، فالوطن والانتماء إليه أولاً، ومن خلال هذه الرؤية يجب على المثقف نشر الوعي وبناء القاعدة الشعبيّة التي تقوم على الاحترام المتبادل وقبول الرأي الآخر، وهذا ما يجب أن يكون في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا المعاصر.
اليوم انتقلت سوريا إلى مرحلة جديدة قائمة على بناء الدولة القوية لكل أبنائها على اختلاف أطيافهم، سوريا اليوم تبدأ تاريخاً جديداً يقوم على تعزيز الوحدة الوطنية وبناء الدولة العصرية القوية التي تنهض وتزدهر بالعقول المنفتحة والسواعد القوية، فالمرحلة الراهنة مرحلة بناء، مرحلة تغيير، مرحلة ازدهار، فيها من التجديد والحريّة ما يجعلها أكثر قدرة وحيوية على بناء مستقبلها المشرق والذي يستمد نسغه من مقوماتها التاريخية والثقافية والحضارية.
في هذه المرحلة لا يجوز للمثقف على اختلاف مسمياته سواء أكان شاعراً، أديباً، فناناً.. أن يعزل نفسه عن مجتمعه وما طرأ عليه من تغيرات، عليه أن يطوي صفحات الماضي بكل ما فيها وينظر للمستقبل وفق رؤىً عصريّة، جديدة، متجددة، تتناسب وعراقة سوريا ودورها التاريخي والثقافي في المنطقة والعالم، بل يتوجب عليه أن يكون رائداً في التعبير عن قضايا وطنه وبناء دولته الجديدة والتي يجب أن يساهم في رسم معالمها الحضارية ويعلي بنيانها بالفكر النّير والكلمة الهادفة، ويأخذ بيدها كي تكون في مصاف ّالدّول المتطورة والمزدهرة في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و..
ما يعني المثقف في هذه المرحلة أن تكون سورية قويّة، مستقرّة معافاة، تنعم بالأمن والآمان، تعيد ترتيب أولوياتها على أسس متينة عنوانها :سورية لكلّ السوريين تنعم بالحرية والعدالة والمساواة والعيش الحر الكريم ، ويجب أن تكون الأيدي ممدودة للعهد الجديد بما يساهم في آمان واستقرار سورية الوطن والإنسان.
إنّ دور المثقف اليوم لا يقف عند تنمية الحس الوطني وتعزيز الهوية الوطنية فحسب، إنّما يتوجب عليه تطوير خطابه الثقافي الذي يحاكي من خلاله كل أطياف المجتمع، هذا الخطاب يجب أن يكون بعيداً عن الفردية والأنانية والمصالح الضيقة ، ويعمل من خلاله على نبذ الحقد والتعصب والكراهية، والحفاظ على النسيج الوطني الذي يشكّل دعامة حقيقية للبناء، ونشر قيم المحبة والتسامح والإخاء وتعزيز الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع.
المثقف اليوم يجب أن يأخذ دوره ثقافياً وإبداعياً، ينطلق إلى ميادين العمل الواسعة بكل حرية ومن دون خوف من سلطة أو رقيب، هدفه الأول والأخير المساهمة الفاعلة في البناء والإعمار، بناء وتحصين المجتمع السوري على أسس من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، المجتمع الواحد الموحّد حيث لا إقصاء فيه لأحد، ويجب على الجميع أن يساهم في بنائه البناء الصحيح وهذا ما يطمح إليه كل سوري يعيش على هذه الأرض المباركة.
سوريا اليوم تفتح بوابات الشمس لبناء الغد المشرق الذي يليق بالسوريين أبناء الحضارة والتاريخ.