الثورة – لينا إسماعيل:
لفتني انهماك ذاك الطفل في تنظيف الشارع بإتقان، ظننته بدايةً، وأنا أمر من جانبه يبعد الأوساخ عن الشارع، لكن سرعان ما رأيت عربة تنظيفات البلدية بالقرب منه، ما دفعني لسؤاله مستغربة: هل تعمل في البلدية وأنت لم تتجاوز مرحلة الطفولة بعد! لكنني فوجئت بأنه ينوب عن والده عامل التنظيفات المتعب.. قالها بثقة ووعي فائق بالمسؤولية، وبدافع من التعاطف مع تفاني والده في حمل أعباء أسرتهم المعيشية.
إنه الطفل حسين حسن الجاسم، وهو تلميذ في الصف السادس، يذاكر للامتحان النصفي بمثابرة وإصرار كونه يطمح أن يصبح مهندساً بالمستقبل، ويساعد والده في تنظيف شوارع بلدة جديدة عرطوز بشكل شبه دائم.
قال لي: إن والدي يساعد جدتي في حلب البقرات باستمرار، ومن واجبي مساعدته في عمله أيضاً.
تأملته طويلاً وأنا استعرض صوراً كثيرة لشباب من حولنا يهدرون أوقاتهم بلا ثمن ولا معنى ولا أجر، وشعرت أنه من المفيد تسليط الضوء على هذا الطفل الرجل بوعيه وأفعاله تكريماً لحسه العالي والنخوة التي فطر عليها، عله يكون أنموذجاً محفزاً لتحرير طاقات أغلب شبابنا الخلاقة من أسر العالم الأزرق، والتفاعل الإنساني مع محيطهم الحي الذي نحن أحوج ما نكون إليه في زمن إعادة بناء الوطن وإعماره.
#صحيفة الثورة