الثورة – هيثم قصيبة:
يحتاج مجتمعنا السوري في مقطعه الزمني الراهن بعد نجاح ثوار ثورة الحرية والكرامة بإسقاط نظام الاستبداد إلى تأسيس وبناء دولة سوريا الجديدة الحرة، لهذا تكرس الإدارة السورية الجديدة قيم التآخي والتسامح والمحبة والتعددية والاعتراف بالرأي والرأي الآخر حيث صياغة عقد وطني جديد يشترك بصياغته كافة المكونات السورية وبما يخلق روحية المواطنة أي احترام المواطن السوري كإنسان أصيل سيد حر تجمعه مع أخيه الإنسان الآخر حاجات وحقوق وواجبات متساوية ومتكاملة ومتضامنة
وهذا العقد الوطني الجديد سيكون البديل الفعلي والاستحقاق المنشود لتفكيك البنية الهشة للعقد الاجتماعي التقليدي الذي اعتمدت عليه السلطة البائدة وقد عفا عليه الزمن ولم يعد صالحاً لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية
وكان العقد التقليدي قد اعتمدت عليه سلطة الاستبداد خلال خمسة عقود ماضية برموز محددة مختارة من العصبويات العائلية والعشائرية والقبلية والطائفية والمذهبية والمتفقة على تقاسم المصالح والمنافع والمغانم والمدهش ضمن العقد التقليدي ظهور قوى وقيادات تسلطية متحالفة مع الرأس السلطوي واعتمدت ممارسة حالة وصائية متفردة لا يجوز المس بها أو نقدها تحت ذرائع وهمية لحماية الوطن من العدو المتربص وراحت تتعاطى من المواطنين السوريين كأتباع وأقتان وعبيد ومستزلمين ومصفقين ومطبلين ومخبرين وكتاب تقارير بدلاً من أن تقوم بإطلاق مواهبهم وطاقاتهم.
وإذا كانت هذه القوى تتمترس بشعارات خلبية ذات لمعة علمانية إلا أنها بالعمق تلوذ بالولايات والانتماءات والاصطفافات المزيفة لتحقيق مطامع ومكاسب شخصية بعيدا عن المصلحة الوطنية العليا، وهذا ما سبب حالة من التذمر مابين كافة الفئات والشرائح فهذه الفئة امتطاها المتاجر بالشعارات الخاوية ليحلق في فضاء الثراء ويقذف بها في قاع الفقر والعوز والتهميش.
وأيضا الشريحة المنتسبة إلى حزب أو اتحاد أو نقابة ضاعت حقوقها في سراديب ومجاهل الزعيم الأوحد المستبد الذي ابتلع الأحزاب والاتحادات والنقابات وتاجر بل وبازر بأوهام ليكون ثروة طائلة عبر شبكات متحدة مرتبطة به تدير اقتصاد سري ورمزي مما حول الوطن لمزارع واقطاعيات كلها تتبع للمزرعة الرئيسية.
وحاليا وبفضل الثوار الأحرار الذين حققوا الانتصار على نظام النهب المنظم بدأت تظهر القوى المنصورة التي تطمح إلى عقد وطني جديد لبناء سوريا الحرة، وهذا العقد الجديد تؤكد إدارة سوريا الجديدة عليه وعلى تعزيز كرامة المواطن السوري الحر المنتصر على الاستبداد والذي له حقوق مصانة ومكفولة ومكونات هذا العقد:
أولاً تقدير بل وتكريم المواطن السوري المتحرر من الاستبداد وهذا مبدأ جوهري لابد من تأصيله في الذهنية الاجتماعية السورية من خلال مواقع و وسائل وقنوات النشر والإعلام والثقافة والإرشاد والتوجيه والتوعية العامة وفي حال نشره كثقافة مجتمعية ولستيعابه من كافة السوريين فإن الوطن السوري المتحرر سيكون واحة لكافة السوريين بالتساوي وسيخلق الشخصية الوطنية الفاعلة الموالية للوطن حصرا بدلا من الشخصية المشبعة بالولايات التقليدية العصبوية.
والمكون الثاني للعقد الوطني الجديد هو المساواة القانونية أي فرض سلطة القانون على الجميع بدون التمييز كما كان يحدث على أساس المحسوبيات والمراضاة والقرابة والمحاباة أي لابد أن يعامل جميع السوريين من كافة أطيافهم على معيار الانتماء لسوريا الحرة كمواطنين أسياد أحرار.
وبصراحة لا مواطنية حقيقية ومساواة قانونية مع هضم الحقوق والحريات كما كان يحصل خلال العهد المتسلط البائد حيث كان يعيش السوريين جميعا بكل مكوناتهم في حالة اجتماعية مهمشة ومفقرة ويتمتع الحاكم مع زبانيته برغد العيش وامتلاك القصور والثروات المنهوبة وهي ثروة الشعب السوري حيث جمعوا أموالهم من المتاجرة بكل أنواع الممنوعات كالتهريب والإتجار بالمخدرات والحواجز وفرض الضرائب الثقيلة والأتاوات والتشليح، وهذه الحالة الطبقية المنحرفة الظالمة كان لها أبعاد كارثية مولدة لكل صنوف الغليان والانفجار المجتمعي مما ساهم في ولادة ثوار الحرية والكرامة و تمكنوا من الإطاحة بالنظام الظالم ونيل الحرية السامية.
حاليا يتوجب علينا كسوريين بعث روح التآخي والمحبة والتسامح والسلام وهذا هو صلب العقد الوطني الجديد الذي ينقلنا إلى عهد الوفرة والعيش الكريم وعلى الكل الانخراط ببناء سوريا الحرة الجديدة، والذي وفرت إدارة سوريا خطابه الأولي وتسعى لتكريسه.
صحيفة – الثورة