الثورة – لميس علي:
غالباً.. جرّب الكثيرون منّا حالة الاستيقاظ من الحلم، متسائلين إن كان ما رأيناه حلماً أم واقعاً.. ثم نشعر بالسعادة، لأننا استيقظنا من كابوس.. أو نشعر بالعكس إن أعجبنا ما شهدناه واكتشفنا أنه مجرد منام.
وثمة فئة منّا طورت قدرتها على الحلم لدرجة انعدمت معها الحدود الفاصلة بين (الخيالي والحقيقي).
فما طبيعة تلك الحالة التي نستغرق بها بكامل حواسنا ونصبح غير قادرين على الفصل بين عالمي (الواقع والحلم)..؟
بحيث نمتلك قدرة على تهشيم جدران لا مرئية تنهض بين (ذاتنا الواعية/المتيقظة) وتلك (الحالمة).
دون نسيان أن هناك مساحات واسعة من (أحلام اليقظة) لها الدور الأكبر من تنشيط قدرتنا على “الخيال”.
هل امتلاك موجات عالية من الأحلام، سواء أكانت أحلام يقظة أو غيرها، يعني الوصول إلى حدود الهذيانات.. والهلوسات.. والأوهام..؟
كيف يمكن تطويعها لتكون حالة صحية، مثمرة، ومنتجة..؟
يذكر سارتر: “إن قدرنا أن نكون في حالة خداع ذاتي دائماً”..
هل نخدع أنفسنا عن طريق الأحلام وإنتاج خيالات تفصلنا عن واقع لا نرغب به..؟
أم أن أحلامنا وخيالاتنا، تأتي على سبيل كونها حالة (تليين) للواقع.. ممارسة نوع من استرخاء ضروري.. يريح ولو إلى حين، من قسوة تفاصيل يومية نحياها..؟
التعايش مع كلا الوضعين (الواقع والحلم)، أو امتزاج كليهما بحالة وسطية.. ربما اشتمل على شيء من (تناقض) أي بمعنى آخر (خداع الذات)..
ومن الممكن جداً أننا نخدع أنفسنا طوال الوقت.. ذاك النوع من الخداع المدروس والمبتغى.. وكأننا نتقي به إدراك (الحقيقة) أو ملامسة واقع لا يأتي على مقاس توقعاتنا.
يبدو أن حالة (خداع الذات)، لا تأتي فقط في سياق إنكار الواقع ما، بل ربما كانت وسيلة التخلص من (عدم المعنى)..
فالإنسان دأب دائماً في سبيل تحصيل المعنى من كل ما يقوم به أو هكذا يتوهم.
شرط التخلص من (خداع الذات) يأتي عن طريق (الوعي).. فنحن (نعي) أننا (نخدع) أنفسنا/ ذواتنا طوال الوقت عن طريق الانشغال الدائم أو ادعاء الانشغال الدائم وملء الوقت بهذا الانشغال.
ثم تأتي طبقة أخرى من هذا (الخداع) عبر ممارسة ما نحبّ، شغفنا، بمعنى حين نلهي أنفسنا أو نوهمها بأن نقوم بأعمال نعشقها وتعبّر عنا..
وحسب المخرج العالمي (وودي آلان) فنحن نقوم بفعل إلهاء، أو بتعبير آخر نقوم بتشتيت ذواتنا عن مواجهة الأسئلة الوجودية (الكبرى) عبر ممارسة شغفنا وكأننا نقوم بإكساء “وجودنا” المحاط “باللا معنى”.. بالكثير من ادعاء “المعنى”..
إذاً.. فعلياً.. نحن في حالة خداع ذاتي.. ولا نعلم إن كانت (فواصل الوعي) بذلك، تبطئ أو تهدد حالة الاستقرار لديمومة ذاك الخداع.
هل تشكّل حالة (صيد الرغبات) والجري وراءها، نوعاً من “خداع الذات”..؟
فالرغبات.. تلك التي تزيد من فعاليتها (الأحلام).. وتنشّطها موجات (الخيال).. ليست بأبسط تجلّياتها سوى تعبير عن “المُتع” التي نرغب إليها..
والرغبة، بحسب البعض (فضيلة تُمنح)..
فهل إدراكنا أننا، وبحسب سارتر، (في حالة خداع ذاتي دائماً)، يعتبر فضيلة وميزة..؟
#صحيفة_الثورة