ابتداء من طرق الاعتقال والتحقيق والحرمان من أبسط حقوق الإنسانية، مروراً بالإهانة النفسية والجسدية، والتعذيب المتواصل بأشكال لم تعرفها البشرية، وصولاً إلى الأحكام الجائرة التي تتنافى مع أي قانون دولي، كانت تلك سياسة النظام الجائرة على مدى خمسة عقود.
المعتقلون في سجون النظام واجهوا مصيراً مجهولاً مظلماً كظلمة الغرف التي احتجزوا فيها، تمر الأيام من دون أن يعرفوا ليلاً أو نهاراً، فلا شمس تشرق، ولا نور يضيء عتمة الظلم.. أجساد بلا أرواح، منهم من قضى قهراً وآخر وجد في الموت نجاة، تحولوا إلى أرقام في السجلات المدنية، وفيات بلا عزاء، وذووهم ليسوا بأحسن حال، فلا يعرفون لهم قبراً، أو من كان منهم أحياء.
أما الوثائق التي استخرجت من مراكز الاحتياج تعد دليلاً على حجم الجرائم المروعة، والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق أبناء الشعب السوري في تلك الحقبة الفاسدة، وما تركت وراءها من مقابر جماعية، اكتشف بعضها ولا يزال غيرها مجهولاً.
وقد تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وثائق تشير إلى مقتل عشرات الآلاف من السوريين تحت التعذيب والإهمال الطبي في سجون نظام الأسد، وقد أصبحوا رمزاً للصمود والتضحية في سبيل حرية وطنهم، بصمودهم خلف قضبان الظلم والاستبداد.
ومع إسدال الستار على حكم الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، كتب النصر على أيدي السوريين الأحرار، وأعلن انتصار سوريا الحرة، لكن سيبقى حال المعتقلين والمفقودين شاهداً أزلياً على وحشية النظام البائد، لم يعرف له مثيل في التاريخ.

التالي