خان “الزنجاري” وجامع “التوبة” في دمشق.. حكاية واسم ودلالات!

الثورة – لينا إسماعيل:

يحمل التاريخ من خارج أسوار دمشق، حكايةً مشوقة لثاني أكبر مدرسة دينية فيها بعد المسجد الأموي، إنه جامع التوبة، تلك التحفة العمرانية التي تحاكي بناء المسجد الأموي، وتوثق الأنماط العمرانية التي تميزت بها الأحياء الدمشقية، فما هي قصة جامع التوبة ولما سمي بهذا الاسم!
أصل التسمية
بني مسجد التوبة مكان خان كبير كان يطلق عليه اسم (الزنجاري) وكان مخصصاً لممارسة المعاصي والفجور والمنكرات جهاراً، إلى أن اشتراه الملك الأيوبي الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك العادل، فأمر بهدم الخان، وبناء مسجد مكانه وذلك عام 632 هجري، كما أوقف عليه 14 دكاناً تقع شماله وأشرف على عمارة ناظره يحيى بن عبد العزيز.
ولهذا سمي بجامع التوبة، للتأكيد على انقطاع المعاصي، وقد حظي بمكانة اجتماعية ودينية كبيرة، وقامت فيه نهضات علمية وروحية من مشايخ آل الحلواني والبرهاني والشيوخ محمود ياسين الحمامي وأحمد تصيب المحاميد وسليم المسوتي وغيرهم، كما تليت خطبة الجمعة فيه ابن سلطان العلماء العز بن عبد السلام يحيى بن العز عبد السلام وغيره كثير من أكابر العلماء.
ويطلق على جامع التوبة أسماء أخرى كجامع العقيبة نسبة لموقعه الجغرافي، وجامع الملك الأشراف نسبة للملك الأيوبي الذي بناه، وجامع الأموي الصغير للتشابه الكبير في تصميم البناء بينه وبين الجامع الأموي الكبير.
موقع جامع التوبة وأهميته
يقع جامع التوبة قرب خان العسل، في منطقة العقيبة جنوب مقبرة الفراديس، ويعتبر صورة عمرانية فريدة لخصوصية دمشق تاريخاً وعراقة.
يذكر سعيد البهلوان- أحد المشرفين على الجامع، أنه من أهم الأوابد الأثرية والتاريخية في دمشق، ومازال يحافظ على الكثير من مميزات العهد الأيوبي والمملوكي، ويعد من أجمل الجوامع الأثرية من حيث التصميم والنقوش المزخرفة.
كما يذكر الباحث التاريخي حسام البابلي عن أهميته: يعد جامع التوبة من أهم الأبنية التاريخية والدينية لما يتميز به من التصميم الفريد والجميل فهو يشبه القصور والقلاع في حجمه الكبير نسبياً، وتصميمه الذي يشبه إلى حد كبير جداً الجامع الأموي في دمشق، فضلاً عن الزخارف والنقوش التي تزين كل جدار من جدران الجامع، وحرم الجامع أو بيت الصلاة تم تصميمه وتخطيط مساقطه مشابهاً لتصميم وتخطيط مساقط الجامع الأموي الكبير، ويُذكَر أيضاً أن فيه غارب على غرار غارب الأموي ولهذا سمي بالأموي الصغير أيضاً.
وصف الجامع
تم تزيين مدخل الباب بآيات قرآنية، وتجد على الحائط الأيسر نقوشاً ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم: لما كان بتاريخ تاسع جمادى الآخر سنة اثنين وأربعين وثمانمئة أحسن الله ختامها برز المرسوم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الظاهري السيفي “أبو سعيد جمقمق” خلد الله ملكه وسلطانه بإبطال ما أحدث على وقف الجامع المسمى بجامع التوبة من الجباية المختصة بالدوادارية الكبرى بالشام لا تغيرها الأيام والليالي إن شاء الله وبعلم الوكيل كتبه شرف الدين بن الأمير).
أما الشكل العام للجامع فهو مستطيل قائم على ستة مجموعات من العقود الحجرية، وحجم الحجارة المستخدمة فيه كبير من أبلقية باللونين الأبيض والأسود بالتناوب.
وترتفع فوق بابه الخشبي الكبير مئذنة الجامع بالزاوية الشمالية الشرقية.
كما يوجد محرابان في جدار القبلة أحدهما مصنوع من الرخام وعلى جانبيه عمودان يحملان مثمنة الأضلاع مزخرف بآيات قرآنية، ومحراب آخر في جدار القبلية من الحجر البازلتي أسود اللون، وقد زرع في قبة المحراب قبة صغيرة مرخّمة، وفوقها لوحة متوجة بآية قرآنية.
ترميم ما فعلته النوائب
تعرض جامع التوبة للعديد من الحوادث عبر فترات متلاحقة، وتم ترميمه وتجديده عدة مرات، حيث احترق سنة 699 هجري في فتنة غازان ملك التتار الذي اجتاح دمشق وقتها وتم تجديده، ثم تعرض للتخريب من جنود تيمور لنك عام 803 هجري، وأعيد تجديده على يد الأمير شاهين الشجاعي.
وتضررت مئذنته في زلزال سنة 1173هجري و تم ترميمه، كما قامت مديرية الأوقاف في عهد الانتداب عام 1350هجري بتجديد أرضه وأروقته، ثم تعرض للقصف من المستعمر الفرنسي يوم 29 أيار فأعيد تجديده. وكان قد وقع حريق في شماله عام 921 ثم جُدِد أيضاً.
أخيراً مازال جامع التوبة محتفظاً- رغم كل تلك النوائب- بالآثار القديمة المتمثلة بمنارته وواجهته الشرقية وصحنه وأبوابه والموضأ ذي القبة المميزة، ثابتاً شامخاً يؤدي دوره الروحي والفقهي، شاهداً على تاريخ متأصل الجذور.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
الدكتور الشرع من القنيطرة: تعزيز الكفاءة وتحسين الخدمات الصحية قطر التي لم تحد ولم تتراجع.. دعمت السوريين وعرّت جرائم الأسد تحرير الأموال المجمَّدة.. كريم لـ"الثورة": على مغتربينا الأثرياء الاستثمار داخل بلدهم ArabNews: إعادة بناء البنية التحتية أمر ضروري لتعافي سوريا  الدفاع التركية: القضاء على 14 إرهابياً شمالي سوريا وزير الداخلية التركي: عودة أكثر من 81 ألف سوري منذ سقوط الأسد قطر ترحِّب بخطوات إعادة هيكلة الدولة السورية الأمم المتحدة: ندين أي إجراءات تتعارض مع بنود اتفاقية فض الاشتباك محلل اقتصادي لـ"الثورة": رسم السياسات الاقتصادية بحاجة لرقم إحصائي أقرب للواقع الاتفاقيات الدولية الثنائية مهمة.. الرسوم الجمركية أحد التوجهات الهامة لحماية الصناعة الوطنية خبير مصرفي لـ"الثورة": الرسوم الجمركية قيد الاختبار والسوق من يحدد "روبرت بيتي": أدلة كثيرة على جرائم نظام الأسد يمكن استخدامها لتحقيق العدالة تنسيق العمل الإنساني والصحي مع "أطباء بلا حدود" جلسة في البرلمان البريطاني لمناقشة الوضع في سوريا بعد سقوط النظام البائد وفود ودبلوماسيون ومؤتمرات أوروبية.. زخم عربي ودولي للتضامن مع سوريا ودعم التعافي سوريا تجدد التزامها باتفاقية فض الاشتباك.. بعد لقاء "الشيباني وأبو قصرة" وفداً أممياً.. هل تلتزم "إس... تقديم الاستضافة ضمن الجامعة وفروعها يلامس الهموم ويتطلب التوضيح منح مهلة إضافية ٣ أشهر لطلاب الدراسات العليا جامعة دمشق .. من درجة علمية إلى أعلى في سلم التصنيفات العالمية محاصيل الحديقة الطبية لكلية الزراعة تدخل طور الإنتاج