كلمات دمشق بأنامل حمزة الخطيب

الثورة – عزة شتيوي:

على منبر النصر تقف دمشق وتعلن فصلاً جديداً في تاريخ سوريا.. ربما هو أغلى المنابر وأكثرها تكلفة في التاريخ الحديث للدول حين صنع هذا المنبر التاريخي من تضحيات الثوار السوريين الذين قدموا أرواحهم على طريق تحرير سوريا.. بالأمس كتب السيد أحمد الشرع خطابه الموجه للشعب السوري ليس بحبر المرحلة والنصر فقط بل بأنامل الطفل الشهيد حمزة الخطيب منطلقاً من شرارة الثورة ودرب آلامها وعمق المعاناة والتضحيات ولتخرج من بين سطوره صيحات المظاهرات وآهات المعتقلين والمعذبين في أقبية السجون الظالمة للنظام الساقط وصولاً للحظة التحرير.. من هنا يكون للخطاب معانيه العميقة بأنه لا يمكن للصفحة السورية الجديدة أن تبدأ وتبنى إلا على ثقافة التضحية والولاء لسوريا وترابها الغالي وما قدمه شهداء الثورة السورية يعد نموذجاً نادراً وفريداً في كل جوانبه ويؤسس لمرحلة جديدة ومتينة عمادها حب الوطن والإخلاص له.
فما تعرض له الشعب السوري وخاصة من كانوا ضمن تنسيقيات وصفوف الثوار لا يشبه ما مر على الشعوب على الأقل مقارنة بالثورات العربية خلال الـ 14 سنة الماضية إن لم نقل الخمسين سنة المنصرمة.. فما من شعب قصفه حاكمه الطاغية بالأسلحة الكيماوية إلا الشعب السوري ليختلج حتى الرضيع في مهده بتهمة معاداة النظام..! فهل كرسي الحكام تستحق هذا الوجع كله!.. أم أن المعاناة تكشف حقيقة الطاغية؟ وضرورة إسقاطه يوم يخاطب شعبه بالبراميل المتفجرة.
بالمقارنة ينطلق خطاب دمشق بالأمس من روح المرحلة الماضية والحالية والمستقبلية وينطق من عمق جراح السوريين ليكون الرئيس الشرع ربما أول سياسي منذ خمسين عاماً يقر علناً بآلام السوريين ويتعهد بمعالجتها بعيداً عن المتاجرة بدمائهم وصنع نصره الخاص بمطالبتهم بمزيد من الدماء التي يسفكها بيده كما فعل النظام الساقط.
خطاب النصر السوري كما نسميه كان متوازناً موجهاً لمشاعر السوريين وذكرياتهم المؤلمة وخططهم المستقبلية ليقول إن للشهادة في سبيل الوطن المعنى الأسمى في بنائه ويؤسس لعلاقة القيادة مع الشعب على أساس التقدير لكل ما بذل ويبذل من دماء وتحمل وصبر وجهود مستقبلية في خطاب شامل يوازن العقل والعاطفة ويؤكد أن المواطن هو أساس المرحلة وليس مجرد رقم مسجل على لوائح الأرقام الرسمية في دوائر الدولة أو كما كان رقماً عابراً في أقبية المعتقلات الظالمة.
اليوم وفي مفردات سوريا الجديدة نلمس أن المواطن السوري يجب أن يكون الرقم الصعب في كل معادلات الوطن وسياساته الداخلية والخارجية فهو من يصنع هوية الوطن وهو من يدافع عنه بالأزمات وهو من يصنع مستقبله  ويحدد ملامحه لذلك لا يمكن أن تفصل السلطة ما بين الوطن والمواطن ولا يحق لأي حاكم أن يقتل سورياً واحداً بحجة الحفاظ على أمن سوريا.
يحافظ خطاب الرئيس الشرع على بعد إنساني قوي، ممّا يجعله قريباً من قلوب الناس ومشاعرهم. هذا البعد مهم في مرحلة تحتاج فيها البلاد إلى لمِّ الشمل وتضميد الجراح فحضور تضحيات السوريين وخاصة الثوار في خطاب السيد الرئيس هو اعتراف تاريخي بأن أجساد الشهداء كانت الجسر الأقوى ليعبر الوطن إلى النصر ولولا هذه الأجساد لسقط الوطن في هاوية التاريخ.
ولعل تركيز الخطاب على جرائم النظام المرتكبة بحق الشعب السوري هو درس للعالم يستقى من التجربة السورية بأن السلاح الذي يشهر في وجه الشعب هو سلاح يضرب للخلف كما ضرب سلاح نظام الأسد الذي صوب على الشعب  فأصاب قلب نظامه وأسقطه إنسانياً قبل أن يسقطه عسكرياً وسياسياً.
فمجازر كرم الزيتون والحولة والتريمسة والبيضا وخان العسل وحلفايا، وكيماوي الغوطة ليل الحادي والعشرين من آب عام ٢٠١٣ كلها لحظات فارقة أيقظت بشكل تدريجي ونهائي كل السوريين، وصفعت من كان رمادياً وأكدت أن الصمود الذي صدع فيه نظام الأسد رأس الشعب هو صمود لأجل بقائه في السلطة وليس بقاء الوطن فكانت لحظة ألم فارقة ولحظة يقظة أيضاً تنبه لها الجميع واستعدوا  لمواجهتها من داخل المناطق المحررة تهيئوا لها من خارج تلك المناطق أيضاً متعاطفين إلى أن تلاقى الشعب بأكمله وتوافق على إسقاط النظام.
فلحظة ضرب السوريين بالكيماوي وذبحهم دونما حتى دماء أعادت تلخيص خمسين عاماً مرت وأظهرت كم المسافة شاسعة وكبيرة بين الشعب والقيادة وهي مسافة بحجم وطن بأكمله وطن حكمه طاغية فقتل الشعب دونما حسابات للحظات العار التي باتت بعد اليوم زمناً يعيش فيه النظام البائد إلى الأبد.
لذلك وأكثر شملت كلمات الخطاب الدمشقي بالأمس معاناة السوريين وصولاً إلى لحظة التحرير لتقول إن السوريين وحدهم من كسر قيد الظلم وأنهم ساروا على درب الجلجلة والألم وقدموا التضحيات في سبيل الوطن  وهم اليوم يكتبون الصفحة الناصعة في تاريخ سوريا يكتبونها بكل فرح واعتزاز فلا يوجد سعادة أكثر من حرية الوطن الذي يجلَّ شهداءه ليبقوا منارة الأجيال الناشئة ويكونوا الدروس  الحقيقية والعبر في الولاء والانتماء لوطنهم.
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
الدكتور الشرع من القنيطرة: تعزيز الكفاءة وتحسين الخدمات الصحية قطر التي لم تحد ولم تتراجع.. دعمت السوريين وعرّت جرائم الأسد تحرير الأموال المجمَّدة.. كريم لـ"الثورة": على مغتربينا الأثرياء الاستثمار داخل بلدهم ArabNews: إعادة بناء البنية التحتية أمر ضروري لتعافي سوريا  الدفاع التركية: القضاء على 14 إرهابياً شمالي سوريا وزير الداخلية التركي: عودة أكثر من 81 ألف سوري منذ سقوط الأسد قطر ترحِّب بخطوات إعادة هيكلة الدولة السورية الأمم المتحدة: ندين أي إجراءات تتعارض مع بنود اتفاقية فض الاشتباك محلل اقتصادي لـ"الثورة": رسم السياسات الاقتصادية بحاجة لرقم إحصائي أقرب للواقع الاتفاقيات الدولية الثنائية مهمة.. الرسوم الجمركية أحد التوجهات الهامة لحماية الصناعة الوطنية خبير مصرفي لـ"الثورة": الرسوم الجمركية قيد الاختبار والسوق من يحدد "روبرت بيتي": أدلة كثيرة على جرائم نظام الأسد يمكن استخدامها لتحقيق العدالة تنسيق العمل الإنساني والصحي مع "أطباء بلا حدود" جلسة في البرلمان البريطاني لمناقشة الوضع في سوريا بعد سقوط النظام البائد وفود ودبلوماسيون ومؤتمرات أوروبية.. زخم عربي ودولي للتضامن مع سوريا ودعم التعافي سوريا تجدد التزامها باتفاقية فض الاشتباك.. بعد لقاء "الشيباني وأبو قصرة" وفداً أممياً.. هل تلتزم "إس... تقديم الاستضافة ضمن الجامعة وفروعها يلامس الهموم ويتطلب التوضيح منح مهلة إضافية ٣ أشهر لطلاب الدراسات العليا جامعة دمشق .. من درجة علمية إلى أعلى في سلم التصنيفات العالمية محاصيل الحديقة الطبية لكلية الزراعة تدخل طور الإنتاج