الثورة – عمار النعمة:
كلما اقتربت من مكتبتك المنزلية لتقرأ، ترى كتاباً يستوقفك عن مبدع سوري، فسوريا عبر السنين هي كنز من المبدعين الذي قدموا في مجال الأدب والشعر والرواية والتراث الكثير الكثير فكانوا بحق خالدين في وجداننا وذلك بحياتهم أو في رحيلهم .
اليوم تمر ذكرى رحيل أحد أعلام الثقافة السورية، ممن تخصصوا بالبحث في تراث دمشق الشعبي, وتوثيقه وتقديمه بحلة جميلة، المعروف بدماثته وأخلاقه ومحبته للآخرين.
إنه الباحث منير كيال العضو في جمعية الأبحاث والدراسات باتحاد الكتاب العرب، والذي قدم مؤلفاته التي تزيد على 30 كتاباً في شتى مجالات الحياة الدمشقية وأوابدها ومكانتها على مدى العصور.
والراحل من مواليد الشاغور عام 1931، الذي ختم في كتاتيبه قراءة القرآن الكريم وهو لا يزال في السنة الخامسة من عمره، وحين التحق بمدرسة التجهيز لدراسة الابتدائية قُبل فوراً في الصف الثالث ونال الشهادة الابتدائية (السرتفيكا) عام 1946. تابع تعليمه في مدرسة «التجهيز الثانية» وحصل على الشهادة الثانوية عام 1952 ثم تابع دراسته الجامعية في قسم الجغرافيا بكلية الآداب في جامعة دمشق وتخرج عام 1962. خلال دراسته الجامعية جذبه عالم التصوير الفوتوغرافي، وحمل كاميرته ليجوب مستكشفاً جمال حارات وشوارع وأسواق مدينته وكان كلما أوغل في التقاط التفاصيل اندفع نحو تدوين ما يراه، وما يسمعه من حواراته مع الناس في الأسواق والبيوت ليجد نفسه يستغرق في البحث والتوثيق لتراث دمشق وعاداتها وتقاليدها وأمثالها وبيوتها وحماماتها وصناعاتها فلم يترك شيئاً إلا ووثّقه، كتابةً وتصويراً .
وعندما سئل عن سرّ اهتمامه بدمشق، قال “كل ما أقدمه من أبحاث وكتب هو وفاء لمدينة دمشق التي كانت قبلةً علمية للعالم، وكان الجامع الأموي جامعةً، وعلى كل عمود من أعمدته مدرس ومجموعة من الطلاب، ولا يدرس تحت قبته إلا من خضع للاختبار وثبت حيازته قدراً كبيراً من الموسوعية”.
قدم الراحل أكثر من 22 كتاباً كان أولها عن طقوس شهر رمضان وتقاليده الدمشقية، وثانيها «فنون وصناعات دمشقية»، وآخر عن “الحمامات الدمشقية الأولى” إلا أن أهمها كان كتاب “يا شام” الذي أصدره عام 1984 فقد تناول هذا الكتاب المتضمن 17 فصلاً العادات والتقاليد الدمشقية فيما يخص الحمل والولادة والألعاب والكتاتيب وتعليم الحرفة والمناسبات الدمشقية.
في ذكرى رحيل الباحث منير كيال عاشق دمشق نقول: إن ماوثقّته وكتبّته وصوّرته سيبقى، فدمشق الأبية لاتنسى أبناءها لا بل تحضنهم وتعطيهم وتبادلهم الحب بالحب، ستبقى ذكراك محفورة في قلوبنا وعلى جدران وأزقة دمشق المدينة الخالدة عبر التاريخ.
#صحيفة_الثورة