الثورة – راغب العطيه:
ما زالت مجازر المجرم بشار الأسد تتفاعل أصداؤها في كل بيت في سوريا، مثيرة مشاعر الألم والوجع في نفوس السوريين، وأصبحت هذه الأفعال والارتكابات الشنيعة بعد سقوط النظام في ٨ كانون الأول الماضي محور نقاشات ومداولات إعلامية وسياسية واسعة على المستويين المحلي والدولي، والهدف كشف ما كان مستوراً منها والسعي لتحقيق العدالة التي بقيت غائبة نحو عقود طويلة.
وفي هذا المقال نعرض ما رواه الشاهد صالح غزال من أبناء بلدة تفتناز شمال شرقي إدلب عن إحدى مجازر براميل الأسد المتفجرة والتي راح ضحيتها عشرات الأشخاص بين شهيد وجريح.
يقول الشاهد غزال في حوار مع راديو الثورة أجري معه في فترة سابقة – كان فيها نظام بشار الأسد ما زال يقوم بقتل السوريين وترويعهم وإرهابهم في كل مكان- ببرنامج “ما نسينا”: لم تتوقف قصص الألم والوجع في تفتناز منذ عام 2012 عندما دخل شبيحة الأسد البلدة وقتلوا العشرات حينها من المدنيين ودمروا وأحرقوا مئات البيوت، مؤكداً أن عائلته آل غزال استشهد منهم في هذا الاجتياح ٤٨ شخصاً منهم جده “الحاج صالح غزال” الذي تم حرقه بعد قتله وسط منزله وهو الشيخ ذو الـ٨٢ سنة من العمر والمعروف بطيبة أخلاقه وكرمه من قبل كل أهالي المنطقة.
ويضيف الشاهد غزال: قصص الألم في تفتناز لم تتوقف عند ذلك الحد بل استمر النظام بارتكاب المجازر تلو المجازر بحق الأهالي في هذه البلدة ومن هذه المجازر المجزرة التي ارتكبت بعد عودة الأهالي إلى منازلهم في عام 2015 وبالتحديد في 15 نيسان عندما ألقت طائرة مروحية تتبع لنظام الأسد برميلاً شديد الانفجار على إحدى مطاعم البلدة أدى إلى تدميره مع كل البيوت المجاورة له ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات من المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء، مؤكداً أن الانفجار كذلك طال الشارع الرئيسي الذي يطل عليه المطعم ومن فيه واستشهد عدد من المواطنين من بلدات مجاورة كانوا يسلكون هذا الشارع، من بينهم أشخاص من معرة النعمان.
وعن وصفه لما جرى في هذا الانفجار الرهيب يقول غزال: كان البيت الذي يقع خلف المطعم تسكن فيه عائله من أم وستة أطفال أعمارهم تتراوح ما بين الأربع سنوات والـ 17 عاماً، هؤلاء الستة ماتوا بشكل مباشر
فكان المنظر مؤلماً للغاية، فالمستهدفون أطفال بأعمار الورود وقد تناثرت أشلاؤهم في المكان، ولفظاعة المنظر لا تستطيع أن تنقل وصفاً دقيقاً للجريمة النكراء التي ارتكبها المجرم بشار الأسد بحق هذه العائلة السورية الآمنة، مؤكداً أن الابن الوحيد الأكبر لهذه العائلة كان مصاباً وبعد فترة استشهد متأثراً بإصابته هذه.
ويضيف الشاهد.. عندما تحمل أشلاء أجساد أطفال رضع تختلف عليك المشاعر عن حملك لأشلاء أشخاص كبار بالعمر، فالمنظر مروع جداً وأنت تحمل طفلة صغيرة مقطعة الأيدي والرأس.. إنه شعور لا يمكن وصفه.
وأوضح غزال أنه كانت هناك جثث مجهولة الهوية لأشخاص من تفتناز ومنها لأشخاص من بلدات مجاورة كانوا في المكان عندما سقط البرميل المتفجر، منهم من معرة النعمان، مشيراً إلى أنه بعد ثلاثة أيام وجدت أجزاء جثة وصلت أشلاؤها إلى سطح احد المنازل القريبة من مكان الانفجار.
ويصف غزال في حديثه عن هذه المجزرة المروعة حال الأب الذي لم يبق له سوى طفلة واحدة بينما فقد جميع أبنائه وكان بينهم معوقين، ويقول: بقي الأب بحالة من الذهول والفزع تجعل الجوار لا يقتربون منه لكي لا يزيدون من ألمه ومواجعه.
ويذكر الشاهد غزال اثنين من أبناء عمه كانا معتقلين من عام 2011 ، وأن واحداً منهما وهو غياث غزال استشهدت زوجته في هذه المجزرة عندما كانت تجلب بعض حوائج المنزل من الخارج، فبقي الأبناء بدون أب ولا أم، مؤكداً أن الأهالي بعد هذه المجزرة الفظيعة بدؤوا بالنزوح مرة أخرى بعد أن أوقفوا عمليات الإصلاح والترميم لمنازلهم التي دمرها نظام الأسد.
وفي الختام يقول غزال: المأساة في هذه المجزرة كانت كبيرة جداً، فأشلاء الأطفال لا يمكن نسيانها خاصة وأن من الأطفال من كان ذي إعاقة، بالرغم من أن تفتناز ارتكبت فيها مجازر كثير ويكاد لا يمر يوم عليها دون قصف من طيران النظام المجرم بالبراميل المتفجرة.
#صحيفة_الثورة