الثورة – رنا بدري سلوم:
غدا المدّفع الرمضانيّ صورة تذكاريّة يتداولها روّاد التواصل الاجتماعيّ في عالمٍ أزرق، حاول أن يحافظ برسومه الجميلة وألوانه الزاهية على الرّموز الروحيّة لشهر رمضان المبارك، كالفانوس وحبال الزينة والمسحراتي والحكواتي وكركوز وعكاظ وغيرها من الصور العالقة في ذاكرتنا الرمضانيّة، التي نحنّ إليها، ويسألوننا عنها أجيال اليوم، كسؤال طفلي “لماذا لم نسمع مدفع رمضان بعد آذان المغرب؟”.
هنا سردت له حكاية مدفع رمضان الذي لم يكن مخصّصاً في البداية لتنبيه الصائمين إلى وقت الإفطار، فعلى ذمّة الدراسات التاريخيّة التي تنسب فكرة المدفع إلى القاهرة أنّها أول مدينة ينطلق فيها “مدفع رمضان” فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعاً جديداً وصل إليه.. وصادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظنّ الناس أن السلطان تعمد إطلاقه لتنبيه الصائمين أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على ما فعل، وعندما رأى سرورهم قرّر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذاناً بالإفطار ثمّ أضاف بعد ذلك مدفعيّ السّحور والإمساك.
وتؤكّد دراسة أخرى أنّ ظهور المدفع جاء حين كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أنّ كان ذلك وقت آذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظنّ الناس أن الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدّثون بذلك، وعلمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما جرى، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرماناً يفيد باستخدام المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسميّة.
إذاً بدأت فكرة مدفع رمضان من مصر إلى بلاد الشام أولاً، ثم إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، ثم انتقلت إلى أقطار الخليج وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالي ودول شرق آسيا.
#صحيفة_الثورة