كيف رسّخ العالم الرقميّ جذوة الانتماء وأشعل ثورة الحرية؟

الثورة- أحمد صلال – باريس

ليس هناك شك في الدور الكبير الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي في المجتمعات، إذ يظهر ذلك بوضوح من التحولات الكبيرة التي حدثت منذ نهاية القرن العشرين وحتى الوقت الراهن نتيجة التدفق الحر للمعلومات.

فقد تسللت هذه الشبكات إلى جميع مناحي الحياة اليومية لملايين من البشر، مؤثرة في طريقة تفاعلهم الاجتماعي، وأسلوب ممارستهم لأنشطتهم وأعمالهم، أو تعاملهم مع الحكومات، أو مشاركتهم في المواقف والحركات الاجتماعية المدنية.

استناداً إلى ما تقدم، يتناول هذا الاستطلاع الذي أجرته صحيفة “الثورة” تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي على المغتربين، إذ كانت هذه الصفحات صوت المغترب واللاجئ السوري الذي يرى في الحرية داخل وطنه حلمًا.

كيف أثرت شبكات التواصل الاجتماعي على المثقفين في إبقاء جذوة الانتماء والحرية في المنفى؟ مثقفون سوريون زاروا دمشق وأبدوا مواقفهم من هذه التساؤلات، وناقشوا سؤالاً كبيراً يتعلق بالحرية التي يتوسمونها في سوريا الجديدة.

جذوة الانتماء والحرية

“هناك جوانب أخرى مهمة لتأثير شبكات التواصل الاجتماعي، ليست كلها إيجابية، ولكنني سألتزم بتركيز السؤال على دورها في ‘إبقاء جذوة الانتماء والحرية في المنفى'”.

هكذا يبدأ الشاعر والصحافي السوري حسام الدين محمد، مدير تحرير صحيفة “القدس العربي”، حديثه مع صحيفة “الثورة”. ويضيف: “لقد أثرت وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل على العالم كله، وكان لها دور واضح في انطلاق ثورة 2011 السورية، والتي انطلقت بعدها جهود السوريين الهائلة لإسقاط “عالم الأبد الأسدي”.

ويكمل محمد قائلاً: “كان نصيبي من ذلك المساهمة في تأسيس رابطة الكتاب السوريين، وفي الجهود الأولى لتأسيس رابطة الصحافيين السوريين، وفي مساع أخرى مع مثقفين وناشطين سوريين وعرب وأجانب، ومع مؤسسات مدنية وسياسية وثقافية”. ويعتقد محمد أنه “يمكن دراسة أثر تلك الوسائط في بقاء “جذوة الانتماء والحرية” في المنفى من خلال العودة إلى الصفحات الأولى التي نشأت على منصات التواصل الاجتماعي الساعية لتنظيم العمل الجماعي، وبعضها كان للسخرية من الطاغية، وغيرها للتواصل في المنافي”.

ويسترجع محمد كذلك محاولاتهم الصعبة للتواصل عبر منصات الانترنت المعروفة حينها، قائلاً: “أتذكر خلافاتنا الحادة، واتفاقاتنا، وبياناتنا، وضحكاتنا، ومشاريعنا المثمرة والفاشلة، وأشعارنا ورواياتنا ومقالاتنا. أتذكر الانشقاقات، والاختراقات، والآلام المأساوية التي قاسيناها مع شعبنا.جذوة الانتماء والحرية هي هذه الملحمة السورية الكبرى التي خضناها”.

وعن زيارته لدمشق، يتحدث محمد قائلاً: “زرت دمشق وجمعت مادة كثيفة للكتابة عن زيارتي، لكنني لم أنشرها بعد”. والمقارنة الأولى التي يعقدها محمد هي الإحساس بانزياح العتلة الكبرى التي كانت تعطّل التاريخ السوري، وتحبس الجغرافيا، وتفرغ الهواء الذي يمكن أن ننفّسه، وتسبّب لنا شعوراً بالصغار والاعتقال والموت، فتضيّق على أرواحنا بشكل لا يطاق.

وينهي محمد حديثه قائلاً: “الطريق صار مفتوحاً الآن نحو ‘الحرية التي نتوسمها’. هذه الحرية تتطلب جهوداً سياسية وثقافية واجتماعية ومدنية كبرى. الأهم، كما قلت، هو أن عضلة العطب السوري الكبرى قد سقطت، والآن الأمر متوقف علينا لبناء بلد نستحقه ونعيش فيه”.

رعب حقيقي للنظام المخلوع من جهته، يرى الأكاديمي والباحث الدكتور أحمد هواس أن “وسائل التواصل الاجتماعي كان لها دور مهم في حياة السوريين بشكل عام وحياة المثقفين بشكل خاص، وقد شكلت رعبًا حقيقيًا للنظام البائد، وصنعت المواطن الصحفي الذي استخدم الهاتف الذكي كوسيلة لإيصال معاناة السوريين في ظل التعتيم الإعلامي الذي مارسه النظام المخلوع على ما يجري في سوريا”. لكنه يلاحظ أيضاً أنه على الرغم من الدور الإيجابي لهذه الوسائل، إلا أن هناك سلبيات ظهرت، قائلاً: “تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات للتقاطع والتباغض، وفسحت المجال لمن لا علاقة لهم بالجانب الثقافي أو السياسي للظهور وصناعة نجوم من صناع المحتوى”.

وفيما يتعلق بالإنجازات، يرى هواس أن “أكبر إنجاز حالياً هو سقوط النظام البائد، وجو الحرية الذي بدأ يعيشه السوريون، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل سواء في بناء المجتمع الذي مزّقته الأحداث والتهجير، أو في إعادة بناء ما دمّره النظام المخلوع على مدى ستة عقود”. ويشدد هواس على “أهمية النقد في هذه المرحلة، مع مراعاة الظروف الصعبة التي خلفها النظام المخلوع، وعلى أهمية وجود معارضة وطنية تشكل دعمًا للدولة من خلال أحزاب سياسية تقدم برامج للناس”.

في النهاية، يمكن القول :إن التقدّم التكنولوجي ووسائل الاتصال لم يحقق بالضرورة وضعاً مثالياً للحرية.

إن هذا التقدّم، بينما يعززالحريات، فإنه لا يخلو من مآخذ، حيث أصبحت هذه الشبكات والأدوات وسيلة لضبط اختيارات الإنسان، وتساهم في تشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام بما يتماشى مع مصالح القوى المهيمنة.

آخر الأخبار
البيانات الدقيقة.. مسارات جديدة في سوق العمل خطّة التربية والتعليم".. نحو تعليم نوعي ومستدام يواكب التطلعات سرقات السيارات في دمشق... بين تهاون الحماية وانتعاش السوق السوداء فرنسا تصدر مذكرة توقيف ثالثة بحق المخلوع "بشار الأسد" إعادة تأهيل معبر الرمثا..رافعة للتنمية والاستقرار في الجنوب افتتاح مسجد "أبو بكر الصديق" بعد إعادة تأهيله في بلدة التح محافظ حلب: 842 شكوى تسوّل خلال شهرين واستجابة ميدانية تتجاوز 78بالمئة تجربة ميدانية لتجميل دمشق تبدأ من شارع برنية افتتاح قسمي العمليات وغسيل الكلى في مشفى عائشة بمدينة البوكمال قطع غيار السيارات المستعملة " مصيبة " جديدة تستنزف الناس و القطع الأجنبي تصحيح العلاقات بين دمشق وبكين بعيداً عن المحاور والاستقطاب  تنظيم إقامة المناسبات في حلب.. خطوة لضبط الأمن أم عبء إداري جديد؟ هل تقاعس الاتحاد الأوروبي تجاه غزة بذريعة خطة ترامب؟   "سفير فوق العادة".. مهام استثنائية وصلاحيات كبيرة بريطانيا.. حنين إلى الاتحاد الأوروبي وشعور باليتم الجيوسياسي ثقة العالم بـ سوريا الجديدة تتنامى.. وعجلة التعافي نحو الأمام مخلفات الحرب في سوريا.. خسائر كبيرة والدعم الدولي غير كاف "الشؤون الصحية" بحلب .. خطوات ثابتة نحو بيئة صحية آمنة التعليم العالي تمهّد لإلغاء مقرر "الثقافة القومية" وتحديث مناهج المواطنة صاحب الظل القصير!!