الثورة – عزيز الخضر:
لم يتخلَّ المسرح السوري يوماً عن مهامه ومسؤوليته الثقافية والاجتماعية. إنه المسرح الذي يثير التساؤلات حول القضايا المختلفة، خصوصاً عندما يختار مضامين تهمّ أوسع شريحة من المجتمع.
في هذا السياق، يلامس المسرح قلوب المتابعين بحيث يرون أنفسهم في الأحداث والشخصيات، مهما كانت الظروف. هنا، يأتي الجانب الاجتماعي ليحمل أبعاداً ترتبط بهموم المجتمع وقضاياه، ويطرح ما يمسّ الأسرة السورية بمشكلاتها اليومية.
لقد تجسد ذلك في العرض المسرحي “آخر ليلة أول يوم”، من تأليف جوان جان، وإخراج رائد مشرف، الذي قام بدور البطولة أيضاً.
عرض العمل مؤخراً على صالة مسرح الحمراء في دمشق، وركز على أبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية من خلال تسليط الضوء على الخلافات الزوجية. وعرض تحديات حياة الأسرة ودور الفن في تسليط الضوء على صعوبات الحياة الزوجية في ظل الظروف الصعبة. فقد تناول الخلافات التي تنشأ بين الزوجين بفعل الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية، وهي ظاهرة قد تكون موجودة في كل بيت، خصوصاً أن المعاناة في المجتمع السوري تزداد، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الأسر وأدت إلى حدوث مشكلات وتوترات.
حول العرض وتفاصيله وأسلوبه، تحدث المخرج والممثل رائد مشرف لصحيفة الثورة قائلاً: مسرحية “آخر ليلة أول يوم ” عرضت على مسرح الحمراء مؤخراً، وقد كان لها حضور جميل من الجمهور، وكانت الآراء إيجابية بشكل عام عن العمل وما يتناوله. وعرض أيضاً كضيف شرف في مهرجان الماغوط المسرحي.
نص “آخر ليلة أول يوم” يتناول العلاقة الزوجية والخلافات التي قد تنشأ بين الزوجين. ولكنه يركز في النهاية على الأمل، ويظهر أن الحب يمكن أن ينتصر على المشاكل اليومية بين الأزواج. يبرز العرض الحب كمعيار أساسي للاستمرار والتواصل في العلاقات. كما يسلط الضوء على فكرة أن الرجل هو نصف المرأة، والمرأة هي نصف الرجل، وأنهما يكملان بعضهما البعض. العرض كان بسيطاً وخفيفاً، وكان قريباً من الجمهور، حيث تفاعلوا معه بشكل كبير.
لقد أضحكناهم في بعض اللحظات، وأبكيناهم في لحظات أخرى، وهذا بالضبط ما كنت أطمح إليه. أحب الأعمال التي تلامس الجمهور، خصوصاً العروض البسيطة التي تحمل رسائل قريبة من الناس. مدة العرض 45 دقيقة، ورغم ذلك استطعنا أن نجذب انتباه الجمهور طوال الوقت، ولم يشعروا بالملل. كان هناك تفاعل ملحوظ مع الحوار والأحداث، وهو ما يدل على أننا نجحنا في معالجة القضايا التي تهمهم بشكل حقيقي.
عن أسلوب العمل، تابع رائد مشرف قائلاً: “كنت مخرج العمل وممثلاً في الوقت نفسه، وهذا كان مرهقاً للغاية. العمل على تفاصيل الأداء كان نقطة محورية بالنسبة لي كمخرج. لكن عندما يكون المخرج أيضاً ممثلاً، فإن الأمر يصبح أكثر تحدياً. كنت أقوم بالمهمتين في الوقت نفسه، وهذا كان مرهقًا جداً، ولن أكرر هذه التجربة. لقد عملنا على تفاصيل كثيرة في العرض، كيف يتحرك الممثل، كيف ينطق كلماته، كيف يعبر عن الغضب أو الفرح، كانت هناك أيضاً محاولة لشد تفاعل الجمهور، توفقنا في كثير من التفاصيل، وقد لاحظنا ذلك من خلال ردود فعل الجمهور، وهو المعيار الأهم للفنان”.