الثورة – فؤاد مسعد:
“أنت غلطان” عبارة خطتها له ابنته على ورقة وفي نظراتها يتمازج الحب والحنان والعتب، بدت خائفة وحريصة على مشاعر والدها، تسللت خلفه لتقول له كلمة حق لم تجرؤ على لفظها أمامه، فكتبتها محاولة تنبيهه أنه في ساعة غضب أُعمِيت عينه عن الحقيقة فظلم، والغريب تقبله عبارتها بحب شديد لثقته الكبيرة بها، لا بل سألها “شو لازم ساوي” ليصحح ما حدث، هي لحظة تبدلت فيها الأدوار بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، ما يعزز تلك الثقة ويعكس عمق نظرة كل منهما للآخر.
هو مشهد مر في الحلقة الرابعة من مسلسل “البطل” بين مريم “نور علي” ووالدها الأستاذ يوسف “بسام كوسا”، جاء محمّلاً برائحة الأبوة والبنوة بكل ما فيها من عبق وألق، حب حتى المُنتهى، في علاقة دافئة تشبه بثباتها علاقة الجنين بمشيمة أمه. الأمر الذي بدا جلياً لدى الأب في أكثر من مكان، خاصة عندما يشعر باقتراب سفر ابنته مع من اختارته شريكاً لحياتها، فكلما جاءت عبارة السفر يظهر وكأنه يحاول الهرب من قدرٍ يدعو الله أن يتغير لتبقى إلى جانبه، وبعد إصابته وجلوسه على كرسي متحرك بقيت هذه العلاقة بصورتها المثالية، لا بل ازدادت تماسكاً، لأنهما يمثلان علاقة الروح ونبضها.
كثيرة هي المشاهد التي كُتِبت وبدت كلمات الحوار فيها كأنها فيض نورٍ من روح كاتبها، جاءت سلسة شفافة مُغمّسة بمرارة وألم، مُحمّلة بدفق مشاعر تنسل خلسة إلى وجدان المتلقي في غفلة عنه، تلامس دواخله وتوغل فيها كأنها تعبّر عما عجز اللسان عن ترجمته. وهو ما سعى الإخراج إلى تكريسه ليزيده عمقاً وتأثيراً، خاصة عبر إدارة ممثلين تماهوا مع الشخصيات حد الإشباع، وكان لدى كل منهم قدرة عالية على إيصال العوالم الداخلية للشخصية والتعبير عنها بكل خلجة من خلجاتها.
مسلسل “البطل” مأخوذ عن فكرة للكاتب الراحل ممدوح عدوان، إخراج الليث حجو وتأليف مشترك بينه وبين رامي كوسا، سيناريو وحوار رامي كوسا، معالجة درامية لواء يازجي.