من تناقضات الحياة أن هناك عناصر ومركبات، لو استخدمت بمفردها لتسببت بحالات تسمم، ولنأخذ مثالاً الملح، والذي يحتوي نسباً متساوية من الكلور والصوديوم، ولو أخذ كل عنصر منهما على حدة لكان قاتلاً، ولكن تآلف العنصرين وتأليفهما المركب الأيوني المعروف كلوريد الصوديوم، أو ملح الطعام الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
ولهذا أقول: لمن يرى أن الشر بالشر يُطفأ فليشعل نارين بجانب بعض، وينتظر فيما إذا كانت إحداهما سوف تطفئ الأخرى، لكن لن تنطفئ إلا بالماء المركب من عنصرين أساسيين هما الهيدروجين والأوكسجين، وهما أيضاً عنصران قابلان للاشتعال، لو بقي كل منهما على حدة، لكنهما يشكلان معاً أهم مادة للحياة، وهي الماء الذي نحتاجه أيضاً لإطفاء أي نار.
الله سبحانه وتعالى خلق الكون كاملاً ليكمل فيه كل مكون الآخر، وكل عنصر الآخر، وكل إنسان الآخر، لأن ذلك حالة طبيعية، والأمثلة كثيرة.
لمن يريد الإقصاء أو إشعال الفتن والفوضى، فليرجع إلى الخالق عز وجل، ويعلم أن الاختلاف حالة طبيعية باللون والشكل والمذهب والدين والطائفة، وأن الله سبحانه لو أراد غير ذلك، لكان لهؤلاء ذلك، وسوريا بكل مكوناتها للجميع وتتسع لأبنائها، وهي لن تكون حكراً لأحد، وحتى الدين والشرع يقولان ويؤكدان ذلك، والجميع فيها يكملون بعضهم.