الثورة – غصون سليمان:
لم يعد خافياً على أحد مدى نفوذ الإعلام وتأثيره على الفرد والمجتمع والاتجاهات الاجتماعية وأثر وسائل الإعلام في تشكيلها وتعديلها.
ويشغل مفهوم الاتجاه حيزاً رئيساً في العلوم الاجتماعية عامة وفي علم النفس الاجتماعي خاصة، فنحن نقول على سبيل المثال لا الحصر عن فرد ما: إن اتجاهه معادٍ للأجانب إذا كانت صفة العداوة تغلب على أكثر أقواله وتصرفاته تجاه الأجانب، أي نحن لا نشير بالاتجاه إلى فعل محدد أو استجابة معينة إنما يفهم بالاتجاه تكوين فرضي، أو متغير كامل أو متوسط.
مواقف وخبرات
والاتجاهات متعددة عند الإنسان وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقواعد الفئوية والقيم، ويكتسبها الإنسان أو يتعلمها نتيجة للمواقف والخبرات التي يمر بها، وقبل الحديث عن دور الإعلام في تغيير الاتجاهات علينا أن نوضح ما هو المقصود بالاتجاه، وأن نشرح كيف تتكون الاتجاهات وكيف تتغير.
ولابد هنا من الوقوف على طبيعة العملية الإعلامية ونظرياتها في التأثير لإمكانية الوقوف على تأثيرها في تعديل أو تغيير تلك الاتجاهات.
يعرّف الدكتور عزت شاهين- قسم علم الاجتماع جامعة دمشق، الاتجاه أنه حالة استعداد عقلي محايد ينبني على التجربة، ولهذه الحالة تأثير ديناميكي أو توجيهي في استجابة الفرد للأمور والظروف المتصلة بهذه الحالة، ويقدم الباحث روكيش تعريفاً أكثر بساطة فيقول: إنّ الاتجاه هو تنظيم للمعتقدات، يتسم نسبياً بالاستمرار عن شيء أو ظرف ما، يهيئ هذا التنظيم الفرد للاستجابة بطريقة معينة.
ويمكننا ببساطة أن نقول: إنّ الاتجاه هو مفهوم يستخدمه عالم النفس الاجتماعي لكي يفسر من دون إشارات معقدة لسيكولوجية الفرد التي لا يهتم بها أساساً ذلك العالم، الأمور التي تحدث في الفترة ما بين التعرض للمنبه والاستجابة له وتحديد التأثير الذي يمكن ملاحظته.
وكان الباحثان الأمريكيان توماس وزنانيكي أول من استخدم هذا المفهوم واعتبره خاصة رئيسة من خصائص القضايا الاجتماعية، ودرسا الفلاح البولوني الأمريكي وركزا جهودهما على مشكلة تلاؤمه مع المحيط الأمريكي الجديد، وقد عرّف الاتجاه بأنه حالة الفرد الذهنية تجاه إحدى القيم.
وعرّفه العالم البورت أنه حالة التهيؤ العقلي والعصبي لما لها فعل التوجيه على استجابات الفرد للأشياء والمواقف المختلفة.
وعرّفه العالم فيزون بأنه احتمال وقوع سلوك محدد في موقف محدد.
إذاً.. لقد اتفق العلماء على أنّ الاتجاه هو حالة معينة إدراكية عصبية تعبّر عن الاستعداد للاستجابة، وهي حالة منظمة تقوم على الخبرة السابقة وتؤثر تأثيراً موجهاً ومحركاً للسلوك، أي أنه تم تأكيد ارتباط الاتجاه بالتجربة السابقة ودوره المنظم المهم للسلوك.