الثورة – لميس علي:
كمتابعٍ.. يمكنك أن تلتقط معاني الحياة لكل شخصيةٍ من شخصيات فيلم (معبر الجزّار، Butcher’ crossing) والاختلافات الجوهريّة التي تصنع تبايناً في مسارات الحكاية المعروضة علينا.
كاميرا المخرج ” غايب بولسكي” لا تصوّر الحياة البرية الخارجية والعالم الطبيعي بكل قسوته الدائرة حول صيد الجواميس، بمقدار ما ترصد (برية) الإنسان المترقّب لهذه الكائنات.. فأين تكمن القسوة أكثر..؟ وأين نلاحظ ملامح (البراري) بشكل أكبر..؟ هل كانت لدى الجواميس أم لدى الإنسان..؟.
يروي الفيلم حكاية الشاب ويل الذي يترك دراسته في هارفرد كي يدرك معانيَ أخرى ومختلفة عمّا يحياه.. يريد (أن يتسع مفهومه للعالم خارج حدود بوسطن) فيذهب للغرب الأميركي، وهناك يشارك بإحدى رحلات الصيد في “كولورادو” التي يترأسها (ميلر، نيكولاس كيج).
لعب “كيج” دور الصياد “ميلر” المتشبّث بصيد أكبر قدر من الجواميس، وكأنه في حالة تحدّ مع تلك الحيوانات.
كاميرا “بولسكي” بأول تجاربه في السينما الروائيّة الطويلة، تحسّن رصد تحولات ملامح “ميلر” وكأنه حين يمارس الصيد يفترس الجاموس الكائن في مرمى ناظريه متحولاً لطريدةٍ لا حول لها.
اتقن “كيج” لعب الشخصية بطريقة لافتة أعادت له بريق نجاحاته القديمة بعد سنوات من خفوت نجوميّته.. واستطاع منح المشاهِد الانطباع الصحيح بكونه صائد جواميس ذا طِباع برية توازيها وتزيد.. مُظهراً ببراعةٍ، شهوة الصيد وكأنها هوس لم يعد قادراً على ضبطه.
وهنا نقطة أساسية في معاني الفيلم، تدور حول:كيف يمكن للإنسان أن يكبح جماح رغباته اللاواعية.. من جشع أو رغبة بالقتل والتدمير..؟، كيف يضبط (برية) طباعه الداخلية غير المنظورة..؟، ويبدو أنها أكثر الصراعات التي عبّر عنها العمل بذكاء ومزاوجة ما بين عوالم البرية الداخلية، وبرية الطبيعة الخارجية.. أيهما التي تنتصر نهايةً..؟.
تمّ إنتاج الفيلم عام 2022، وقُدّم عرض أول منذ أيام على شاشة (mbc).
في خاتمة العمل، بدت واضحة موهبة المخرج في صنع الأفلام الوثائقية، التي اشتملت معلومات توثيقية عن حيوان الجاموس أو “البيسون” الأميركي.
تذكر إحدى المعلومات أنه عام 1860م، جاب حوالي (٦٠) مليون بيسون الغرب الأميركي، وبعد عقدين انخفضت أعداده إلى ما دون الثلاثة آلاف.