البيوت التاريخية في صافيتا.. تحكي قصص الأمس للأجيال

الثورة – فادية مجد:
الزائر لمدينة صافيتا يذهل بما يشاهده من طابع معماري ساحر من حيث البنية البصرية والانتماء التاريخي، والذي يشكل علامة مميزة لمدينة اشتهرت بجمالها، وأنها مقصد كل سائح وعاشق للجمال، فجدران بيوتها القديمة تحكي قصص الأمس للأجيال، من تاريخ وحضارة، وكل هذا كان له اهتمام كبير من قبل أبنائها المحبين، ومنهم المؤرخ في الآثار الأكاديمي بسام القحط الذي وثَّق هذا التاريخ منذ أكثر من عشرين عاماً في مديرية الآثار والمتاحف في محافظة طرطوس، وكان له دور فاعل في حماية مئات البيوت التاريخية في مدينة صافيتا سواء بالترميم أو بالوقوف في وجه التعديات الأخرى.

تاريخ العمارة الصفتلية

“الثورة” تواصلت مع الأكاديمي القحط، والذي أشار بداية إلى العديد من النقاط التي تتعلق بفن العمران في صافيتا بدءاً من بيوت الدبش الريفية، أو بيت الشل، أو الصايح أو السطايح، كما سماها الفيلسوف اللبناني ميخائيل نعيمة في مذكراته، ثم دخل هذا النموذج بطابقيه في القرن 19، وعد من البيوت المتداخلة نسبياً بشكل تراكمي، جغرافي، تاريخي وديموغرافي، والذي يعتبر الأكثر تعقيداً، ففي كل طابق قصة مختلفة عن الطابق الآخر، كالطابق الأرضي المسقوف بعقد متقاطع أو بعقد اسطواني وهو الأكثر قدماً، وقد كان النموذج السائد لسقف البيت في الأبراج الصليبية الصغيرة والمتوسطة المستعملة للسكن والإدارة وتخزين الغلال في القرون الوسطى.
وأضاف: أما السقف القرميدي الخارجي (الجَمَالون) الذي يبنى في الطابق الثاني فيعود إلى الفترة 1850 وما بعد، دخل إلى سوريا ولبنان وفلسطين من بلاد اليونان ومقدونيا والبلقان، وأضيف إليه إضافة محلية هامة هي السقف الداخلي (الخشب القطراني) الملون المدهون بألوان طبيعية رائعة، لينتشر هذا النوع من البيوت في جبال سوريا ولبنان وفلسطين، وبشكل أقل بكثير في حوض العاصي.
أما النموذج المنتشر بكثافة في سوريا الداخلية (دمشق- حمص- حماة- حلب- والجزيرة) فهو بيوت الطين الهرمي الشكل، الذي يلائم طقس تلك المناطق والمناخ السائد فيها.

– القناطر الثلاث:

وبالنسبة للقناطر الثلاث والتي تسمى في لبنان “البيت اللبناني المقرمد” فقد أطلق عليه “القحط” اسم (بيت الحرير الطبيعي)، وقد اعتمدت هذه التسمية في منهاج جامعة الحواش والوادي الخاصة، وسجّل في بحث خاص يتعلق بهذه البيوت.
وأشار الأكاديمي القحط إلى قرية بيت شباط الأثرية في جرد قضاء صافيتا القديم والذي كان يضم منطقتي الدريكيش وصافيتا والصفصافة وساحل صافيتا البحري القديم، لافتاً أنه منذ 1590 إلى 1918 نشط سوق الحرير الطبيعي المحلي للقضاء في قرية بيت شباط، وتظهر في هذه المباني روعة العمارة المحلية غربي سوريا، والمدارس المعمارية المستخدمة من 1100- 1918 ويعتبر البيت القرميدي ذو القناطر الثلاث نموذجاً مشتركاً بين دول البلقان، وخاصة اليونان وألبانيا من جهة، وبين سوريا الغربية ولبنان “البيت اللبناني” وشمالي فلسطين من جهة أخرى، ليكون القاسم المشترك معمارياً بين دول البحر الأبيض المتوسط في قسميها الشرقي والأوسط خصوصاً هو عنوان حضاري عالي المستوى.
وذكر المؤرخ أن أهم من أبدع في بناء هذا النمط هم معماريون سوريون من صافيتا ووادي النصارى، ولبنانيون من ضهور الشوير، حيث تفننوا بإضافات مبتكرة على البناء كالدرجين الحجريين على الواجهة الرئيسية والشرفات الخارجية وحوامل الشرفات الحجرية، بالإضافة إلى النقوش المنحوتة على الحجر التلعاوي والرنوك.

– بيوت تراثية:

ونوَّه القحط بدور النشاط الزراعي في صافيتا الذي ساهم في تزايد حركة بناء البيوت، مقسّماً الأبنية القديمة فيها إلى ثلاث حارات قديمة مازالت حتى يومنا هذا وهي حارة البرج وفيها برج صافيتا الأثري، والأبنية القديمة المحيطة به أهمها قبة الشيخ محمد، والحارة الشرقية والبيوت الأثرية الموجودة فيها قبة الخوري إبراهيم، والمعصرة الأثرية الثلاثية المعروفة اليوم بكراج سمعان أو قبو سمعان نادر، ومعصرة الزيتون التراثية في قبو بيت القطريب، أما الحارة الثالثة فهي حارة الضهر، لافتاً إلى وجود مجموعة من البيوت الأثرية فيها أهمها كان مدرسة بروتستانتية منذ عام 1864 وهو اليوم بيت تراثي جميل جداً، وبيوت عائلات نادر وضومط والصايغ والقحط في حي الضهر.
وختم المؤرخ في الآثار حديثه بالتأكيد على حماية البيوت القديمة والحفاظ عليها بالطرق المثلى تحت إشراف ذوي الاختصاص، وتسهيل عملية الترميم من قبل اللجان المختصة حصراً.

آخر الأخبار
الارتقاء بالوعي المجتمعي.."عقول متألقة" في بري الشرقي بحماة حفريات تعوق حركة المرور في شوارع درعا البلد الجفاف يداهم سدّ "عدوان" في درعا درعا تدعو تجارها للاستثمار ودعم عملية التنمية السعودية وإندونيسيا: احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها "شهباء من جديد".. إعادة إحياء قلعة حلب تركيا و"الأوروبي": دعم جهود إنهاء الإرهاب والاضطرابات في سوريا سليمان لـ"الثورة": الذهب الأخضر بحاجة إلى استثمار أزمة المياه .. مؤشر خطير على عمق التحديات المائية.. لا عدالة بالتوزيع ولا رقابة على الأسعار طلاب التاسع يختبرون مهاراتهم في الإنكليزية.. والامتحان متوسط الصعوبة التحقق من المعلومات ..مسؤولية جماعية العرجاني لـ"الثورة": الأخبار الكاذبة كارثة اكتمال وصول الحجاج السوريين إلى أرض الوطن ندوة علمية لضمان استدامته.. النحل يواجه تحدياً بيئياً ومناخياً مشاريع إنسانية غزلتها بروح الحاجة.. العجة لـ"الثورة": التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات احذروا " فوضى " الأدوية .. خطة رقابية جديدة وهيئة موحدة للمستوردين الاقتصاد الحر كيف سيدير المشاريع الصغيرة؟    امتحان اللغة العربية يختبر مهارات طلاب المعلوماتية الذكاء الاصطناعي في الإعلام.. بين التمكين والتحدي التحوّل لاقتصاد السوق الحر.. فجوة بين التعليم المهني ومتطلبات الاقتصاد الجديد وزير الاقتصاد يطرح رؤية سوريا للتعافي الاقتصادي في مؤتمر "إشبيلية"