الثورة – رفاه الدروبي:
نظَّم اتحاد الكتَّاب والأدباء الفلسطينيين فرع سوريا، ندوة أجرى خلالها قراءة نقدية حول المجموعة القصصية الأولى للكاتب والقاص عمر سعيد، شارك فيها الأدباء: أيمن الحسن، أحمد هلال، رسلان عودة، محمد حسين، تلاها توقيع المجموعة المؤلَّفة من إحدى عشرة قصةً من القطع المتوسط، تحمل بين دفتيها ٨٣ صفحةً صادرةً عن دار شور كوم للنشر والخدمات الإعلامية.
وظيفة تعبيرية بدأ الأديب محمد الحسين حديثه عن عنوان المجموعة كونه يفتح المجال لعدد من الأسئلة، خاصة أنَّ القصص تتوارد بشكل جميل وكأنَّها في شموليتها تؤدِّي وظيفة تعبيرية قريبة من الحالة النفسية المعيشة لساردها، ويُفرد هاجساً عن الرصد الدلالي نفسه لحمولات القصص، ما يجعل المتلقي يلحظ القوة والرغبة في تجاوز كل الموانع والمصادفات، ويمكن أن تُعجِّل بحلول مقومات الأسى والدمار.
ولعلَّ المراد من إيراد الدلالات نفسها يُعتبر رغبة في إثبات فكرة مهمة يسعى كلُّ كاتب إلى ترسيخها، ومفادها أنَّ المعاناة عبارة عن سبل تقودنا نحو بداية جديدة تُبعث فيها الأرواح المدفونة تحت أنقاض نهايات ذات دلالات إنسانية وجمالية يصوغ طقوسها كاتبها وما يدخل عليها من عناصر عاطفية تمثيلية، كما تظهر بشكل مباشر كمشاعر حزن وألم وأمل، وتتجلّى كذلك حين تخترق بها بانتظام أحلام اليقظة، فالقصص تصرخ بالجرح النازف واصفة الموت من يصرُّ على التهام الأجساد المحاصرة.
مكابدات إنسانيّة
فيما أكَّد الناقد أحمد هلال أنَّ الكاتب سعيد لفت أنظار القارئ إلى التغييرات باعتبارها الأكثر شيوعاً وإثارة للأسئلة، فالمنجز يُشكِّل إضافة له وللمشهد الثقافي، والعنوان يحمل ما عليه ويخوض مغامرة سردية على القصص جميعاً لا تبدأ بالتجريب بل تكون مشبعة بتأملات وهواجس ومكابدات إنسانية لكنها وطنية بامتياز، ولا تستقيم دون البنية الفنية مع سعي القاص إلى الضبط التحليلي ونسبة من الخيال إلى حدٍّ ما، لأن القصص تشي ببطولة الأشخاص بأسلوب واقعي غير مركَّب، كما تكشف الصراعات في الشخصية، منتقلاً إلى سمات المجموعة بأنَّها مليئة بالإرهاصات لجهة استثمار الحكاية وتفعيلها.
ويلاحظ عدم طغيان اللغة بل توظيفها ما أمكن لتكون أكثر توازناً مع إيقاعها أو إيقاع بنيتها السردية المكثفة رغم أنها تحتاج إلى شيء من التوتر.
مغامرات سردية
بدوره الكاتب رسلان عودة، أوضح أن الكاتب عبَّر في إحدى عشرة قصة عن مغامرات سردية تتمثل وتختلف بآن على مستويين: الأول المقولات، والمستوى الثاني البيئة الفنية وما بينهما سيُظهر لنا هاجسه الإضافي في ارتياد أفق التجريب، يستلهم قصصه من واقع الحرب على غزة بتجلياتها الإنسانية والوجودية بل والصدامية أيضاً، وتجلوه العنوانات الموحية والكنائية المندغمة في النسيج المكاني، وكذلك في البيئة السرديّة والقصصيّة غير أن السرد بوصفه المكوّن البنائي للنصوص القصصيّة سيتفاوت في إيقاعه، تبعاً للحدث وطريقة استشرافه، فضلاً عن ضروب الواقعية كونها ستصبح مرجعية النصوص مع ضبط للتخيُّل بقدر ما تستدعيه الضرورة الفنيّة.
حالة إنسانيّة
كما رأى الكاتب المسرحي أيمن الحسن أنَّ القصّة تتناول حدثاً معيّناً في حياة الإنسان ومفارقة تسميها نقطة التنوير تعطيها دلالاتها العميقة، وللنهاية أهميّة كبيرة باعتبارها تبقى في ذهن القارئ أو السامع..
ومواصفات القصّة الناجحة ثلاث نقاط: قابلية الإقناع والإمتاع، وأن تحمل رسالة يريد القاص إيصالها إلى القارئ، بينما كانت المجموعة القصصية عبارة عن مصطلح عسكري سياسي لكنه يدلل على حالة إنسانيّة تعبر عما فعل الفقر بالإنسان وتحمّل هويّة أدبيّة ملتزم، كذلك تحتوي على مونولوج داخلي أنثوي صارخ فالنصوص جميلة موغلة في شخصية الأنثى عموماً وتحمل في مضمون بعضها بشرى فرح لكن القصة ليس من عناصرها الأساسية الحوار، بل يكون سمة وعنصراً أساسياً في النص المسرحي.
فلسطين الحكاية
من جهته الكاتب عمر سعيد لفت إلى أنَّ المجموعة تتناول في محاورها فلسطين والوضع الفلسطيني والمخيم والهموم الاجتماعية داخل الأرض المحتلة، إذ اختار القصة القصيرة في سرده لأنَّها تتيح مجالاً واسعاً من التعبير عن الذات وعن الآخرين.
أمَّا الفكرة فتكون محدودة لذلك اتجه للقصّة القصيرة كونها تعكس فضاءات أوسع وسقفاً أعلى، إضافة إلى أنه حافظ على خصوصية القص الأدبي لكن التخيُّل أخذه إلى مكان آخر.