الثورة – سنان سوادي – سهى درويش:
الثقافة هي الوجه المشّرق للحياة، وربما البائس منها، فتتمثّل في لوحة فنيّة أو قصيدة شعريّة ومسرحيّة ولقاء وندوة، وإذا لم يمتلك القائمون على الثقافة أدواتهم كيف يستطيعون أن يوصلوا رسائلهم الثقافيّة المؤثّرة إلى المجتمع؟ وكيف تقوم الثقافة بدورها في مواجهة التحدّيات التي تواجه الرأي العام وقولبة معطياته وحمل رسائل الوعي الجمعي؟.
في اللاذقية.. ملتقيات وجمعيّات ثقافية تعيش في الظّل..
رغم أن القائمين عليها يكابدون عناء الوقوف على أقدام سويّة للمضيّ قدماً نحو ثقافة غنّاء تشبهنا، وخاصة بعد التحرير، وبعد منح الحريّة للكلام عن المعوقات التي تقف في وجههم، وإيصالها إلى الجهات المعنيّة، للتغيير الجذري للواقع المزري، من هنا كان لابد أن يتم تفعيل المؤسسات الثقافيّة التي تصوغ الرسالة الثقافيّة، وإعادة الملتقيات والجمعيّات الثقافيّة إلى الصدارة بعد أن كانت مهمّشة، فهي أحد أوجه الثقافة المهمّة، نظراً لدورها في تشكيل الرأي العام واستقطاب النخب الثقافيّة، واحتضان المواهب في العلوم والفنون والآداب، وتجديد الخطاب الثقافي وحداثته.
فهل قامت الجمعيّات والملتقيات الثقافيّة في اللاذقية بدورها المأمول منذ سنوات ولادتها؟! وما هي التحدّيات والصعوبات التي تواجهها؟ والرؤى المستقبليّة التي يرتئيها مشرفوها؟ للإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها.. استطلعت صحيفة الثورة آراء بعض الجمعيّات الثقافيّة التي تفرد شجونها على طاولة الثورة في حوارنا معها.
خارج المكان
من أهم أهداف “جمعية الشراع” للثقافة والإبداع، لمّ الشمل السوري تحت مظلة الوطن للجميع، ضمن ثقافة المحبّة والعيش المشترك، بوجود نخبة من شعراء وأدباء سوريين حقيقيين، يكتبون للوطن من نبضهم ووجدانهم، بهذا عرّف مدير الجمعية أحمد داؤد عن أهدافها، لافتاً إلى النشاطات الثقافية المتنوعة، والتشاركية مع العديد من المنتديات والجمعيّات والصالونات الأدبيّة، وكذلك المشاركات في المراكز الثقافيّة في معظم المحافظات السورية.
وتسعى جمعيّة الشّراع لتطوير نشاطاتها، وتقديم الجيل الشّاب في معظم فعاليّاتها الأدبية والثقافية لإعطائهم المساحة التي يحتاجونها والمنبر الذي يقدّمون من خلاله نتاجهم الفكري وإبداعاتهم الثقافيّة، بالإضافة إلى رعاية ودعم الأطفال المبدعين والموهوبين في مجالات: الرسم، الخطابة، الشعر، الغناء، الأعمال اليدوية، الموسيقا، وغيرها.
وأشار داؤد إلى عدم وجود مقر رئيسي للجمعية التي تأسست عام ٢٠١٦، وتم إشهارها عام ٢٠٢٣، مطالباً المعنيين في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بتأمين مقر بأجر شبه رمزي أسوة بالجمعيات الأخرى، قائلاً: نأمل من أصحاب الشّأن الثقافي تذليل الصعوبات أمام مسيرة جمعيّتنا وباقي الجمعيّات والملتقيات الثقافيّة حتى يستمر بناء الثقة بين الجمعيّة والجهات الثقافيّة المختصّة استكمالاً لمسيرتنا الوطنيّة المجتمعيّة في بناء وطن يحدّه الحب والأمن والسلام من جهاته الأربع.
الدعم لتحقيق الفعالية
هو أول ملتقى في الساحل السوري، وسادس ملتقى على مستوى سوريا، تأسس “ملتقى القنديل الثقافي” عام ٢٠١٦، وتم ترخيصه عام ٢٠٢٠ من قبل وزارة الثقافة، ويبلغ عدد المنتسبين ٥٠، بالإضافة للضيوف، وفقاً لمدير الملتقى حيدر نعيسة، مشيراً إلى تطرّق الملتقى لمواضيع :العلوم، الآداب، الفنون، التراث، دعم مواهب الأطفال، وغيرها.. وقال: نقوم بجولات ورحلات ثقافيّة للتعريف بالآثار المادية، ونهتم بالتراث المادي والشفوي، ونقيم دورات مهنيّة للصناعات اليدويّة القديمة والمهدّدة بالزوال، ودورات لتعليم اللغة الأوغاريتية، ونجمع الوثائق والمخططات والصور التراثيّة، ونتبادل الزيارات مع الملتقيات الثقافية في باقي المحافظات.
وأضاف نعيسة: يركز خطابنا الثقافي على تعزيز السلم الأهلي، وثقافة المحبّة، وتبادل الآراء ونشر الوعي والانتماء ليقوم كل فرد بدوره الوطني، متمنياً من وزارة الثقافة الاستفادة من الكوادر في الملتقيات وإلقاء المحاضرات، وإقامة المهرجانات الثقافيّة في مراكز المدن والبلدات، والاحتفالات الجماهيرية لتعزيز روح الجماعة ووضعها في خدمة الوطن، والدعم لتحقيق المزيد من الفعالية بما يعزز الوحدة الوطنية.
اقتراحات ورؤى
من جهتها أشارت مدير قسم الإعلام في “جمعية الشراع ” الصحفية معينة جرعة إلى أهمية تفعيل دور الملتقيات والجمعيّات الثقافية في هذه المرحلة التي تتطلّب من الجميع القيام بمهامه لتعزيز القيم الوطنية، قائلة: لدينا صفحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ننشر من خلالها نشاطاتنا ونستقبل الاقتراحات والآراء، ونسلط الضوء على المواهب الفكريّة والأدبية.
بدوره أكّد الشّاعر مالك معروف، أن الملتقيات بحاجة للدعم لتقوم بدورها الثقافي والمعرفي، فالمثقف له التأثير الأكبر على محيطه، ومهمته نشر الوعي والإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين والوطن.
وأشادت الكاتبة عبير عبد القادر بدور الملتقيات في تعزيز الهويّة الوطنيّة وتشكيل وعي ثقافي يحصّن المجتمع، وأنّ هذه الملتقيات بحاجة للمزيد من الدعم من قبل وزارة الثقافة، ونطالب وزارة الإعلام بتسليط الضوء على واقع عملها وإتاحة المنابر الإعلاميّة أمام المثقفين.
قدّمت اللاذقيّة نخباً ثقافيّة أثبتت حضورها العربي والعالمي من خلال نتاجها الفكري والإنساني.. وأكثر ما نحتاجه اليوم في هذه المرحلة هو دعم المثقفين والجمعيات والملتقيات الثقافية لتعميق الوعي الجمعي، ونشر ثقافة المحبّة والسلم الأهلي بين مكونات المجتمع بما يخدم المصلحة الوطنية وتعزيز الإرث الثقافي الذي تتمتع به سوريا.