الثورة – عبد الحميد غانم:
يحمل الشباب السوري اليوم طاقات وأفكاراً واعدة، والمرحلة القادمة تتطلب تحفيز روح الابتكار والمبادرة لتحقيق التعافي الاقتصادي.
أصبحت ريادية الأعمال حاجة يفرضها واقع التغير والتطور الاقتصادي السوري، وباتت المحرك الأساس في تطوير المشاريع الخاصة، حيث تساعد على إنجاح المشاريع، وتضمن لها الاستمرارية والديمومة.
“الثورة” تتناول في هذا المقال كيف يرى الشباب فكرة ريادة الأعمال وقيادة المشاريع الناجحة؟.
ثقافة المشاريع
الشاب محمد نور خيرو، من إحدى الشركات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي، أكد لـ”الثورة” أن موضوع ريادة الأعمال مهم جداً، وخاصة إذا تمت دراسته بشكل صحيح. وقال: ريادة الأعمال باتت طريق المشاريع الصغيرة نحو النهوض كيّ تصبح مشاريع ضخمة وكبيرة، وباتت طريقة وأسلوباً يساعد على نجاح المشاريع، وتصل إلى دخل نتيجة تلك المشاريع.
ونوه بأنه ليس المهم هنا تأمين ممول للمشاريع التجارية فحسب، وإنما يحتاج الأمر إلى التخطيط ووضع خطة تسويقية بشكل صحيح ومتقن، مخافة أن يفشل المشروع، وتفشل الخطة. ورأى أن هناك معايير تتطلب وضع الخطة التي نشتغل عليها، لضمان النجاح في المستقبل. وقال: يلعب الجانب الاقتصادي دوراً مهماً بالنسبة للمشاريع الصغيرة، لأنها تبدأ بالاقتصاد، ونريد أن نحقق من خلالها ربحاً مباشراً يعود بالنفع للدائرة المحيطة بالمشروع.
ورأى خيرو أن المشاريع الصغيرة تحتاج إلى رعاية وعناية أكبر في المرحلة الأولى من الجهات الراعية والداعمة، ومن جانب المجتمع والحكومة، ولابد من نشر ثقافة المشاريع الصغيرة بين أوساط الشباب.
حاجة السّوق
الشابة يارا فرح – شركة (Ghn) للمستلزمات الطبية، أشارت إلى ارتباط بين مفهوميّ ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، فريادة الأعمال بافتتاح المشاريع، والتي يُمكن أن تكون مثالًا على المشاريع الصغيرة، والرياديّ هو الشخص المسؤول عن المشاريع المختلفة الكبيرة منها أو الصغيرة، كما أنّه المسؤول عن إنجاح هذه المشاريع وتطويرها بحسب حاجة السّوق والتطورات التقنيّة.
وأشارت فرح إلى أن ريادة الأعمال تختلف عن المشاريع الصغيرة، إذ إن المشاريع الصغيرة تواجه تحديات معروفة ومتوقعة، بينما تواجه ريادة الأعمال تحديات غير معروفة وغير متوقعة، كما أنّ ريادة الأعمال تهدف إلى تطوير الأعمال والحصول على عروض جديدة مبتكرة، بينما المشاريع تقوم بتقديم الخدمات والمنتجات كهدف أساسيّ.
ورأت أن هناك الكثير من الأفكار للشباب تحتاج إلى توجيه ورعاية، وقدم العديد من الشباب إلى غرفة التجارة للاستعانة بالخبرة باعتبارها دورات مهمة تمنح الخبرات اللازمة. وقالت: المشاريع الصغيرة مشاريع تأتي بأفكارنا، وتعكس رغباتنا، ونسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع، مطالبة المجتمع والقطاع الاقتصادي الخاص والعام بالاهتمام بالرياديين وبالمشاريع الصغيرة، وأن تساعد الجهات الحكومية المعنية بمؤسسات الدولة، بتقديم جميع التسهيلات، إضافة إلى ذلك دور الممولين لتقديم المساعدات المالية والخبرات الاقتصادية لأصحاب المشاريع الصغيرة في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والحرفية وغيرها.
الشابة ريم جباوي من بنك سوريا والمهجر، نوهت بأن مسؤوليّة رائد الأعمال تشمل العديد من الأمور، منها تقديم سلع جديدة، وبناء خط إنتاج جديد وتطويره، كذلك إنشاء شركات جديدة، وإدارة الموارد المختلفة باستخدام أساليب جديدة ومبتكرة وريادية، تتماشى مع أبناء العصر واحتياجاته، وبالتالي فإن رائد الأعمال هو وصف لأصحاب المشاريع. وأشارت إلى تسارع انتشار المشاريع الصغيرة في العقد الحالي نتيجة التقدم التكنولوجيّ، ورغبة الأفراد بالاستقلال المالي والتخلص من قيود الوظائف التقليديّة، وهذا ما دفع الأشخاص إلى التوجه إلى ريادة الأعمال، إضافة إلى سهولة نقل النشاط إلى عدد أكبر من العملاء والربح الأكبر بتكلفة أقل.
وأكدت أن رواد الأعمال هم أداة داعمة تتحمل مسؤولية القيام بالمشروعات، وتحويل الأفكار إلى واقع عملي، والاعتماد على الجهود الفردية والمجتمعية. ورأت أن أي مشروع ريادي يحتاج إلى دعم مالي، وإلى دعم المؤسسات الحكومية والمجتمعية والشركات الاقتصادية ومن آراء واستشارات خبراء، حسب فكرة المشروع، إذ تختلف الفكرة من مشروع لآخر.
وبينت جباوي أن المشاريع الصغيرة في الأغلبية العظمى تتجه إلى الريف، وفي المجالين الزراعي والحرفي، لذلك يمكن التوجه إلى بنوك ومصارف التمويل الزراعي لهذه المشاريع، وإلى إحدى الجهات المعنية بالمشروع وإلى الوزارة المعنية (الزراعة- الصناعة) وإلى المؤسسات التي تتابع تنفيذ مثل هذه المشاريع للاستفادة من الخبرة.
السوريون أصحاب فكر
الخبير الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي قال لـ”الثورة: السوريون كما هو معروف عنهم، أنهم رواد أعمال وأصحاب فكر، ويعشقون العمل الفردي الخاص، لأنه يظهر ابتكاراتهم وإبداعهم، وخلال الفترة الراهنة عرف العالم، أينما حل السوري، بتميزه وبفكره الإبداعي على خلق مشاريع ونجاحها.
ونوه خربوطلي بأن ريادة الأعمال وقيادة المشروعات الصغيرة أصبحت حاجة ضرورية تتطلبها ظروف المرحلة الجديدة في سوريا، وهي تلتقي مع روح الشباب والشركات الناشئة والريادية، وتتعلق بتقييم هذه المشروعات كحاضنة مهمة جداً للانطلاق والنهوض الاقتصادي في سوريا.
وذكر أن غرفة تجارة دمشق ومن خلال مركز التدريب لديها تحرص على إقامة دورات للشباب في ريادة الأعمال وقيادة المشروعات التي نُظّمت ضمن برامج التدريب والتأهيل، واختتمت يوم الخميس الماضي دورة في هذا الشأن، وحصل المتدربون من الشباب المهتمين بتطوير مهاراتهم وإمكانياتهم، وتمكينهم اقتصادياً على كل ما يتعلق بخطة العمل وبفكرة المشروعات وتطوير الأفكار الريادية وتخطيط المشروع من الناحية التسويقية والفنية والمالية وصولاً إلى تحديد الأمور المالية الأخرى التي تستهدفها.
وأكد أن سوريا اليوم بحاجة إلى المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التي تقوم غرفة تجارة دمشق بدعمها. مشيراً إلى أن سوريا بحاجة لكل فكرة خلاقة، وكل مشروع صغير يمكن أن يكون نواة لحركة اقتصادية كبيرة، مؤكداً أن الريادة ليست حلماً بعيداً، بل هي مسار مدروس يبدأ من الفكرة وينجح بالإصرار والمعرفة.