الثورة – هنادة سمير:
أعلنت شركتا سيرياتيل وMTN، بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة، مطلع الشهر الجاري، عن إطلاق أول تجربة فعلية لتشغيل شبكة الجيل الخامس (5G) في سوريا، وذلك في إطار خطّة وطنية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للاتصالات وتسريع عملية التحول الرقمي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية مستقبلية طموحة لدعم الاقتصاد الرقمي وتحسين جودة الخدمات المقّدمة لمختلف شرائح المجتمع.
قفزة نوعية في الاتصالات
وأوضح مدير التسويق في شركة MTN أنس حسني لـ”الثورة” أن تقنية الجيل الخامس تمثل قفزة نوعية في عالم الاتصالات، نظراً لما توفره من إمكانيات هائلة في سرعة الاتصال وسعة نقل البيانات، إذ تفوق سرعاتها الجيل الرابع بعشرة أضعاف، ما يسهم في تحسين تجربة المستخدم بشكّل كبير في عمليات التحميل والتنزيل.
وأضاف: إن الشبكة الجديدة قادرة على دعم عدد هائل من الأجهزة المتصلة في نفس المنطقة الجغرافية، تصل إلى مليون جهاز لكلّ كيلومتر مربع، ما يجعلها مناسبة تماماً لتطبيقات المدن الذكية، كما تتميز بانخفاض زمن الاستجابة إلى 1 مل/ ثانية فقط، مقابل 30 إلى 50 مل/ ثانية في شبكات الجيل الرابع، وهو ما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب استجابة فورية، كأنظمة التحكم، والمراقبة، والتطبيقات الطبية والصناعية.
وبيّن حسني أن الجيل الخامس يُعد منصّة أساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT)، حيث يُمكن ربط عدد كبيرمن الأنظمة الذكية في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، الزراعة، النقل، والطاقة. وتشمل هذه التطبيقات إدارة المرور، إنارة الشوارع، أنظمة المراقبة الأمنية، والري التلقائي، ما ينعكس بشكل مباشرعلى كفاءة الخدمات العامة.
وفي حديثه عن مراحل إطلاق الشبكة، أشار حسني إلى أن الانتقال إلى الجيل الخامس يتم عبر ثلاث مراحل رئيسية:
1. الإطلاق التجريبي: يُربط خلاله النظام الجديد بالبنية التشغيلية للشركة، بما في ذلك أنظمة الفوترة والتشغيل، لاختبار التوافق والكفاءة التشغيلية.
2. الإطلاق المصغر: تُتاح فيه الخدمة ضمن مناطق محدودة، بهدف مراقبة الأداء وتقييم تجارب المستخدمين في تلك المناطق.
3. الإطلاق التجاري: يشمل التوسع إلى المدن والبلدات تدريجياً بعد تدارك أي مشكلات تقنية أو تشغيلية، ليصل إلى أكبر شريحة من المستخدمين.
وعن التحديات التي واجهت شركات الاتصالات في سوريا خلال السنوات الماضية، أوضح مديرالتسويق أن العقوبات المفروضة كانت العائق الأكبر، حيث منعت دخول الكثير من التقنيات الحديثة، مما أدى إلى تأخر الانتقال إلى الشبكات الأحدث. إلا أن تحسّن الأوضاع وبدء مشاريع إعادة الإعمار أتاح المجال أمام الشركات للانطلاق مجدداً، وكان على رأس الأولويات إطلاق خدمات الجيل الخامس.
أمام اختبار كبير
وأشار حسني إلى أن تشغيل شبكات الجيل الخامس يتطلب بنية تحتية متطورة، تشمل إنشاء محطات صغيرة (Small Cells) تغطي الترددات العالية ذات المدى القصير، واستثمارات ضخمة في الأبراج والكابلات والألياف البصرية.
كما يتطلب الأمرإدارة فعّالة للطيف الترددي المخصص، لضمان تقديم الخدمة بجودة عالية.
ويمثل الإطلاق التجريبي لشبكة الجيل الخامس في سوريا خطوة محورية نحو المستقبل الرقمي، ويضع البلاد على مسار التحوّل التكنولوجي أسوة بالدول المتقدمة.
وإذا ما تمّ تجاوزالتحديات التقنية واللوجستية، فإن هذه التقنية ستسهم في تطوير بنية تحتية متينة تخدم المواطنين، وتدعم التحول الذكي في القطاعات الحيوية، مما يبشر بمرحلة جديدة من النمو والتنمية الشاملة.