الثورة – رفاه الدروبي:
النكبة الفلسطينيّة تحفر أخاديد الحزن واللوعة في قلوب الفلسطينيين، لذا استحضروا ذكراها السابعة والسبعين في ندوة نظَّمها اتحاد الكتَّاب والصحافيين الفلسطينيين- فرع سوريا، بإدارة الناقد أحمد هلال.
أدب الحنين
خصَّص الدكتور ثائرعودة حديثه عن “عالميّة أدب النكبة”، واعتبره فرعاً أصيلاً في الأدب الفلسطيني المعاصر، للحفاظ على الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، ووسيلة مقاومة ثقافية موازية للمقاومة السياسيّة والكفاح المسلح.
فأدب النكبة أنتج مجموعة كبيرة ومتميزة من الكتَّاب المساهمين بطريقتهم في بناء أدبي يحمل خصوصية، ويعبِّر عن النكبة بكل مزاياها، إذ تناول الحنين إلى الأرض والغربة والعنف والشتات وتصوير المعاناة الجماعيّة بالتسجيل والتوثيق الواقعي التاريخي لأحداثها، إلى جانب الكفاح والمقاومة والإيمان بالعودة، حاملاً سمات فنيّة مشحونة باللغة العاطفيّة الفنيّة المدعومة بالصور والتشابيه والرّموز، وتقنية اللعب بالزمن وتعدد الأصوات، عبر إبراز وجهات نظر متعدّدة، مستشهداً بأدب فدوى طوقان ومحمود درويش وإدوارد سعيد وسوزان أبو الهوى.
ادعاءات مزيّفة
بدوره الرّوائي عمر جمعة بيَّن في أوراقه الحاملة عنوان: “الرواية الصهيونية.. الصورة المبكِّرة للحرب الأدبية الناعمة”، أنَّ العدو الإسرائيلي يسعى لتوسيع حدود أورشليم حتى تصل إلى كلِّ الاتجاهات، مُستشهداً بالكاتب صموئيل يوسف عجنون ومدى تسخيره للأدب وفنون الكتابة في تعميم بغيض للفكر العنصري التوسُّعي الإلغائي الاحتلالي المحمول على أوهام دينية توراتية تلمودية تحضُّ على ارتكاب المجازر واحتقار سائر الشّعوب والأمم والديانات.
كما أكَّد على أنَّ الأديب الشهيد غسان كنفاني من بين أوائل الكتَّاب المُتنبِّهين لخطورة الأدب الصهيوني، إذ لفت لذلك في كتابه المعنون: “في الأدب الصهيوني” والصادر في بيروت عام 1967 عندما قال: إنَّ الصهيونية قاتلت بسلاح الأدب قتالاً لا يوازيه قتالها بالسلاح السياسي، كما استشهد بالكاتب الدكتور حسن حميد كونه فرَّق بين أربعة أنواع من الأدب المذكور في كتابه “الأدب العبري.. المرجعيات.. المصطلحات.. الرؤى” الصادر في دمشق عام 2001، ورأى أن الأدب اليهودي الممتد في جذوره إلى التوراة والتلمود ينقسم إلى يهودي قديم وآخر حديث، كما يغلب عليه الروح الإيديولوجيّة للصهيونية المُتشكِّلة عقب ظهور البروتستانتية في أوروبا في القرن السادس عشر.. كذلك قسَّم الأدب العبري إلى أدب عبري فلسفي كُتب قبل قيام الكيان الصهيوني وأدب عبري إسرائيلي كُتب مع قيامه.
ويرى الدكتور حسن حميد أنَّ النصوص الأدبية على اختلافها باهتة الجمال ركيكة البنية بسبب غياب السمو التعبيري الخالص، وغلبة التفكير العقائدي المفعم بالعدوانيّة والعنصريّة تجاه الغير، كون الأدب اليهودي قام على الأباطيل والادعاءات المزيِّفة للجغرافيا والتاريخ.
مأساة إنسانيّة
وتناول حديث الناقد غرز الدين جازي عنوان: “النكبة ودلالاتها في الأدب الفلسطيني”، موضِّحاً أنَّ النّكبة تشكِّل مأساة إنسانيّة حُفرت في الوجدان الفلسطيني وويل للإنسانيّة من ويلات شعب عاش مرارة التهجير قسراً والقتل والدمار جوراً والتجويع سلاحاً، فضلاً عن تحويله إلى لاجئ يهيم في الشتات خارج وطنه، ويعاني نهب واستبدال جغرافيا المكان بأسماء عبرية لتزوير التراث والتاريخ وإقامة مستوطنات فوق معالم وآثار طمسوها ابتدأت بها النكبة ولا تزال مستمرة حتى اليوم، ما أدَّى لانعكاس ذلك على جوانب الحياة الفلسطينيّة لكلِّ من بقي منهم على أرضها، أو هُجِّر منها، أو فيما تبقى من أرضها التاريخيّة في الضفة الغربية وقطّاع غزة.. كل ذلك أفرز ثقافة المقاومة، والتمسك بالهويّة الفلسطينية، والإصرارعلى حق العودة، فكان للثقافة أثرها العميق على الأدب والأدباء الفلسطينيين أمثال: إميل حبيبي، توفيق زياد، إدوارد سعيد، وغيرهم.