الثورة- ترجمة ختام احمد:
إن ادعاء إسرائيل بأن حماس “تسرق المساعدات” سخيف للغاية إلى درجة أنه لا ينبغي لأي صحفي أو سياسي جاد أن يناقشه بأي شكل من الأشكال، ومع ذلك فإنه يظهر هناك باستمرار في التغطية الإعلامية للأحداث في غزة.
وكي نعرف أن ادعاء إسرائيل باطل تماماً هناك سبب بسيط، لدى إسرائيل أسطول من طائرات المراقبة المسيرة يحوم باستمرار فوق قطاع غزة الصغير، ويراقب كل شبر منه، إن الأزيز المتواصل الذي تسمعه كلما شاهدت شخصاً يُجري مقابلة هناك هو من إحدى تلك الطائرات، إنها عيون إسرائيل على القطاع، إن كنت خارج غزة، فكأنك تعيش في فيلم وثائقي.
لو كانت حماس تسرق المساعدات في غزة، لاستطاعت إسرائيل توثيق ذلك بسهولة و لكانت لديها لقطات فيديو من طائراتها المسيرة، إن عدم تقديمها أي لقطات تُظهر سرقة حماس للمساعدات- نهبها لشاحنات المساعدات، أو تهريب مقاتليها أنفسهم إلى مستودعات المساعدات- دليل كافٍ على أن إسرائيل اختلقت هذا الادعاء لتبرير خططها لتجويع سكان غزة حتى الموت عبر أشهر من حصار المساعدات، أو إجبارهم على الفرار إلى سيناء المجاورة، ولولا حملتها التضليلية حول “سرقة حماس للمساعدات”، لكانت إسرائيل تعلم أن الاشمئزاز الشعبي من حملتها التجويعية سوف ينمو بسرعة، ولكانت الحكومات الغربية سوف تكافح بشكل أكبر للسيطرة على المعارضة.
هناك، بالطبع، أسبابٌ أخرى كثيرة لرفض أكاذيب إسرائيل حول “سرقة حماس للمساعدات”، ليس أقلها أن جميع الجمعيات الخيرية ووكالات الإغاثة التي تتعامل مع غزة تؤكد أن حماس لا تسرق المساعدات، ولكن أيضاً لأن مقاتلي حماس، لو فعلوا ذلك، لكانوا يسرقون من عائلاتهم: من أطفالهم وأجدادهم، الذين هم أكثر عرضة لحملة التجويع الإسرائيلية منهم بكثير.
فكرة سرقة حماس للمساعدات لا تعقل إلا في ظل عقلية استعمارية أوروبية عنصرية، تُعتبر مقاتلي حماس بمثابة أشباح لا تكترث بموت أطفالهم وزوجاتهم وآبائهم، ما يحدث بلا شك هو أن إسرائيل تسمح لأقوى العائلات الممتدة في غزة- وهي غالباً عائلات إجرامية تمتلك ترسانات أسلحة خاصة ضخمة- بنهب المساعدات، وقد أصبح هذا مشكلة خطيرة منذ أن قضت إسرائيل على قوة الشرطة المدنية في غزة (مخالفةً بذلك القانون الدولي)، ولم يبقَ أحدٌ لفرض النظام العام.
عندما يتضور الجميع جوعاً، تحشد أقوى العائلات قوتها لانتزاع حصة غير عادلة من المساعدات، كانت هذه نتيجة متوقعة تماماً لسياسة إسرائيل في تدمير جميع مؤسسات غزة، بما في ذلك مستشفياتها ومكاتبها الحكومية ومراكز الشرطة، بذريعة واهية أنها تابعة لحماس، ومن الجدير بالملاحظة أيضاً أن إسرائيل عملت منذ فترة طويلة على تنمية علاقات وثيقة مع عائلات ذات طابع إجرامي، لأنها توفر بديلاً محتملاً وقاعدة قوة أكثر قابلية للاستحواذ للحركات الوطنية الفلسطينية، كما أنها مصدر جيد للمتعاونين.
وتشير الأدلة إلى أن إسرائيل تشجع عائلات المجرمين هذه على نهب المساعدات على وجه التحديد لتبرير تفكيكها لنظام المساعدات الحالي الذي يعمل بشكل جيد للغاية، في ظل الظروف الكارثية في غزة، واستبداله بنظام “توزيع المساعدات” العسكري غير الكافي على الإطلاق، والذي تم تصميمه فقط لحشد الفلسطينيين في أقصى جنوب غزة، استعداداً لطردهم إلى سيناء، لا ينبغي لأي صحفي أن يكرر التضليل الإسرائيلي السافر، إن فعل ذلك يُعدّ تواطؤاً في ترويج الأكاذيب لتبرير الإبادة الجماعية، لكن وسائل الإعلام الغربية تفعل ذلك منذ أكثر من عام ونصف، لقد فقدوا إدراكهم تماماً لتواطؤهم النشط في الإبادة الجماعية.
المصدر _ Antiwar
