صلاة الجنازة على المشروع الإيراني في سوريا

أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي

في مشهد رمزي يحمل أكثر من دلالة، تقدم وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، المصلين في الجامع الأموي بدمشق، خلفه وفد رسمي رفيع من المملكة وشخصيات سورية رسمية على رأسهم الوزير “الشيباني”، فتح المشهد الباب أمام تحليلات وقراءات تعدت حدود العبادة الدينية، واعتبرت أنها بمثابة رسالة سياسية واضحة التوجه والهدف، تعني عودة سوريا لعروبتها، وانتهاء حقبة المشروع الإيراني في المنطقة.

هذه اللحظة، التي جمعت السياسة بالعقيدة في واحد من أقدم معالم الإسلام، تجاوزت حدود البروتوكول الدبلوماسي، فالسعودية بموقعها الجغرافي والسياسي والاقتصادي ليس عربياً بل عالمي، تقود إلى جانب دول عربية أخرى حقبة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط، بعد سنوات من هيمنة المشروع الإيراني من العراق إلى لبنان ومن ثم سوريا واليمن.

مع بدء الحراك الشعبي في سوريا، وجدت إيران الفرصة سانحة لتوسيع مشروعها الطائفي في الشرق الأوسط، فكانت حاجة نظام بشار الأسد للدعم العسكري مواتية للدخول بقوة عسكرياً عبر أذرعها من الميليشيات العابرة للحدود، واستطاعت التغلغل في النظام والدولة، وفرض وجودها كقوة مسيطرة، شكلت مصدر قلق لكل الدول المحيطة، ولم تنجح كل المحاولات العربية لإبعاد الأسد عن هذا المشروع الذي تمسك به حتى نهايته.

اختيار الجامع الأموي لتأدية الصلاة قبل عقد أي لقاء رسمي، لم يكن تفصيلاً عابراً، فالجامع، الذي يحتل موقعاً روحياً وثقافياً في قلب المشرق العربي، لطالما كان منبراً للخلفاء والعلماء ومسرحاً لتحولات كبرى في التاريخ الإسلامي.

وبرأي المحللين، أن يقف وزير خارجية السعودية في محرابه، متقدماً صفوف المصلين، وبجانب مسؤولون سوريون، هو تجسيد حيّ لرغبة الرياض في استعادة الرمزية العربية والإسلامية لسوريا، من بوابة القداسة التاريخية لا المصالح العابرة.

في خلفية هذه الصورة، تقرأ بعض الأوساط السياسية المشهد بوصفه رسماً لمسار جديد يعيد التوازن في سوريا، في مواجهة مشروع الهيمنة الإيراني الذي طالما استثمر في الطائفية والمزارات المذهبية لبسط نفوذه في البلاد، فحضور الرياض بهذا الشكل، وفي هذا التوقيت، يبدو رسالة مباشرة لطهران بأن هوية سوريا ليست رهناً للمشاريع الإيديولوجية، بل عائدة إلى بعدها العربي والإسلامي الوسطي.

وصف مراقبون الصلاة في الجامع الأموي بأنها “صلاة جنازة رمزية على المشروع الإيراني”، ليس من منطلق الطقس الديني، بل في ما تحمله من دلالات سياسية واضحة، فالمكان، والتوقيت، وهوية المصلين، كلها مؤشرات على إعادة تموضع إقليمي تتصدره السعودية، وتعيد فيه تأكيد ثوابتها بشأن وحدة سوريا وعروبتها، بعيداً عن أي اصطفافات طائفية أو تبعية إقليمية.

فزيارة بن فرحان إلى دمشق، بكل ما حملته من إشارات، تمثل جزءاً من رؤية سعودية أوسع تعيد رسم معادلات المنطقة، إذ تضع المملكة ثقلها في دعم مشروع الاستقرار، ليس فقط عبر المال والدبلوماسية، بل عبر تكريس الحضور الرمزي والثقافي، بما يعيد تأكيد هوية سوريا العربية، في مواجهة محاولات سلخها أو تدويلها. الجامع الأموي، الذي شهد قروناً من التحولات، وقف هذه المرة شاهداً على لحظة فارقة تُعيد تعريف التحالفات والبوصلة السياسية في سوريا، فالحدث تجاوز كونه زيارة رسمية أو أداء صلاة، ليصبح محطة فارقة في مسار ترسيخ العروبة السياسية لسوريا، وعودة دمشق إلى عمقها الطبيعي، لا كمجال نفوذ، بل ككيان جامع.

آخر الأخبار
فيدان" يُعلن قرب حل ملف "قسد" ويؤكد تقدّم إعادة إعمار سوريا فوضى الأسعار... الأسباب ومسارات الحل بيئة تجارية عادلة .. مضاد حيوي للفوضى والفساد قبوات تبحث مع نظيرها التركي تعزيز التعاون المراكز الصحية.. واقع مرير وشكاوى بالجملة هل تعيد " المضيئة " الوجه الجميل للخدمات الصحية ما وراء التصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري؟ التزييف الرقمي.. وباء يؤرق المجتمعات المختار لـ"الثورة" ترويج الأخبار الكاذبة أداة لزعزعة الاستقرار قطاع الدواجن.. فرص استراتيجية مؤهلة للاستثمار سريع الدوران والإنتاج ومجال رحب لاستقطاب الأيدي العامل... مهزلة التأمين.. فشل وفساد الهيبة لـ ( الثورة ): سنتجاوز إرث الماضي وانطلاقة لمواكبة المتغيرات وتوسي... الشرق الأوسط إلى أين؟ تصعيد إسرائيلي وتهديدات متجددة لدمشق.. والخارجية تُدين وتحذر من زعزعة الاستقرار تنظيم عمل تجار سوق الهال في اللاذقية "الكريات البيضاء" باللاذقية تطلق مبادرة لتنظيف كلية الحقوق  حدة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين تتصاعد.. والعالم يتابع بقلق  "علم الجمال بين الفلسفة والأدب" في جامعة اللاذقية "الشيباني" يستعرض نتائج الزيارة إلى قطر: اتفاقات لتعزيز الاستثمار ودعم القطاعات الحيوية مرسوم رئاسي بتعيين أحمد نمير محمد فائز الصواف معاوناً لوزير الثقافة  بيان سوري قطري: التأكيد على تعزيز التعاون وتطويره احتياجات العمل الإعلامي في لقاء وزير الإعلام بإعلاميي درعا تراجع جودة الرغيف في فرن ضاحية الشام استبدال محولات لتحسين الكهرباء بريف طرطوس