مجلة أسامة.. تصقل طفلاً يتقن لغته ويقرأ أحلامه.. د. ياسين لـ”الثورة”: نثمّن جهود من أتمّوا رسالتهم النبيلة

الثورة – رنا بدري سلوم:

أخرجوا قصصاً بحجم أكفّهم المخُبأة في مكتبتهم الصغيرة، ومنها مجلة “أسامة”.. المجلة التي ترفق ببطاقة تعرفة للطفل، تكون صلة وصل مع مجلة تعطيه أهميّته كطفلٍ متعلّم يجيد القراءة والكتابة، هذا ليس رأياً، بقدر ما هو شعور ترجمته في عينيّ طفليّ حين يكتبان ويلصقان صورتهما الخاصّة على البطاقة.

بطريقة مبدعة، وخلف حكايات ألف بسمة ودمعة ترسم قصص المجلة في عيون أطفالنا بريق أمل، بالتزام كادر تربوي ولغوي وأدبي وفنيٌّ يسهر ويعمل حتى يبصر النور إصدارٌ جديد من منشورات الطفل، سواء أكانت السلاسل القصصية التي تصدرها “مديرية منشورات الطفل”، أم مجلتا “أسامة، وشامة”.

اليوم، بالرغم من المراحل السياسية التي شهدتها حافظت على رسالة المحبّة والأمل والحياة، ولم تتأثر المجلّة وما زالت تبدع أفكاراً ثقافيّة جميلة تعنى بثقافة الطفل.

على قيدِ الأمل

ليس من السّهل أن تبني محتوى قصصياً يخاطب الطفل، ويزيد من وعيه، ويزرع الأمل، وقيمة الانتماء له والحريّة فيه رغم الدمار الذي عاشه خلال سنوات الثورة، وإن لمن المهمات المباشرة لذلك المحتوى أن نُنشئ طفلاً مبدعاً يتقن لغته العربيّة، ويكتب مستقبله في قصةٍ، ويقرأ أحلامه في كتاب- وفقاً للشاعر قحطان بيرقدار- في تصريحه لـ”الثورة” أثناء تكليفه مديراً لمديرية منشورات الطفل آنذاك، وإن تلك المنشورات “لم تتوقف عن الصدور في الهيئة العامة السورية للكتاب، بل حاولت وأمام المآسي التي عاشها الأطفال أن تلعب الأدب دوراً إيجابياً، فكان من منحى يزرع روح الأمل والتفاؤل أي عملية رفع المعنويات عند الأطفال وإدخال الفرحة في قلبهم وإعطائهم الأمل في المستقبل، ومن منحى آخر نعزز عندهم مفهوم حب الوطن والتضحيّة في سبيله وتعزيز قيمة الشهادة ومفاهيم نبيلة لا بد من تأكيدها”.

وفي تصريحه أشار المدير العام للهيئة العامة السورية الدكتور نايف ياسين إلى أنّ الأدب الموجّه للطفل قد استطاع بكل أنواعه خلال فترة وجيزة ألاّ يخرج المحتوى المقدّم للطفل عن زرع الأمل في نفوس الأطفال، ورفع المعنويّات وتعزيز قيم الخير، وهذا ما عكسته المنشورات خلال سنوات طويلة ولا تزال، ونثمن الجهود المبذولة للإدارات التي أدت رسالتها النبيلة على أكمل وجه.

تمكين اللغة

إن الخطط التي وضعتها مديرية منشورات الطفل بإصداراتها كافة، ومجلتا ” أسامة، وشامة”، لحماية اللغة العربية والعناية الفائقة في منشورات الطفل، كانت من أهم الخطط، خاصة حين يقرأ الطفل ستزداد الحصيلة اللغوية لديه ويضبط الكلمات بالشّكل الصحيح، لذا ينتقي المتخصّصون عبارات سهلة تجعلهم يفهمون ما يقرؤون لتمكينهم من اللغة العربية.

وهناك لجنة لتمكين اللغة العربية تجتمع دورياً، ومن أبرز أنشطتها المسابقة التي تقوم بها الهيئة وهي حفظ الشعر العربي بأن يحفظ المشاركون قصائد من الشعر العربي وتكون محدّدة مسبقاً بمعاني المفردات والصور البيانيّة ويتم امتحانهم فيما حفظوه أمام لجنة مختصّة، بذلك نواكب حماية اللغة العربية والتوجه نحو التمكين.

أفق أرحب من كتاب

لم تكن مجلة أسامة همّها الصدور وحسب، بل حاولت مديريّة منشورات الطفل أن تكون مع الأطفال في أماكن تواجدهم في مدارسهم ونواديهم والمراكز الثقافية ومقرّات الهيئة، ومقر مجلتي أسامة وشامة، ومديرية منشورات الطفل، وذلك من خلال أنشطة تفاعليّة، كالاحتكاك مع الأطفال للتعريف بالإصدارات الجديدة ومحاولة البحث عن المواهب الموجودة بين الأطفال لعكسها على صفحات هذه المنشورات، ليكون هذا التواصل حيّاً ومباشراً في كل الأمكنة.

يصلنا كقراء كلّ هذا الخير والجمال والأمل من خلال منشورات الطفل، لكن علينا كأهل أن نحضّ الأطفال على الاجتهاد في دروسهم وأن يخططوا لمستقبلهم وينظروا إلى الأفق الأبعد، حتى في فترة الصيف نحضهم على اغتنام العطلة الصيفية بما هو مفيد ونافع فيخصصوا وقتاً لتنمية المواهب وممارسة الأنشطة المفيدة، إضافة إلى اللعب والنزهات لما له من آثار تربوية ونفسية إيجابية في نفوس الأطفال، نحثهم على قراءة القصص والحكايا، عندها نحقق أهدافاً عظيمة عند الأطفال لبناء جيل واع ومبدع يقدر أن يعي حقوقه ويمارس واجباته في مجتمعه.

بطاقة من ضوء القمر

“لن أخوضَ في بحر الألوان الذي أضافَ إليَّ المزيد، كما لم أبخلْ عليه برؤيتي الفنية المُضافة، وبالتأكيد لن أتطرّقَ إلى سرد الأحداث، وتسمية الأسماء والشّخصيّات التي رَفَدَتْ حكايتي بحُلْوِها ومُرّها، لكنّي في ختام هذا الفصل من الرواية لا يَسَعُني إلّا أن أشكُرَ كلَّ مَنْ كانَ لي عوناً في مهمّتي، فساندَني بكلمةٍ أو موقفٍ، أو حتى بزاويةٍ مبدعةٍ حَطّتْ في رُكنٍ من القلب قبلَ أن تأخُذَ مكانَها على صفحات مجلة أسامة الحبيبة” بتلك الكلمات وبلغته الشاعريّة والتي اعتدناها.

عليها خلال متابعتنا لعمله الإداري حين كان مديراً لمنشورات الطفل في الهيئة العامة السورية للكتاب ورئيساً لتحرير مجلة أسامة الشاعر قحطان بيرقدار منذ عام 2016 كتب على حسابه الخاص عبر الفيسبوك بعدما قدم إعفاءه عن المهام الموكلة له.

وتقديراً لانتمائه إلى عالم الطفل واهتمامه الحثيث في إنجاح الإدارة التي كلّف بها، قدّم مدير الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف ياسين للشاعر قحطان بيرقدار كتاب شكر، مثمناً جهوده خلال عشر سنوات من عمله الدؤوب في أدب الطفل شاعراً وأديباً ومديراً.

رحلة زمنيّة لا تنسى لم تنم عينا مجلة أسامة منذ 1969، ولم يتوقف قلبها النابض منذ ذلك الحين، كأبطال قصص الأطفال الخياليّة التي حاكت الطفل فبنت في مخيلته بيتاً وشجرةً وغيمةَ، أحلامٍ يرنو إليها بعينيّ الأمل وألوان الطيف، فلا يمكننا ونحن نقرأ منشورات الطفل حتى تمتلئ أرواحنا بالبهجة والغبطة، منذ أن كان الفنان ممتاز البحرة مبدع شخصيّة أسامة وماجد وشنتير وغيرها، ومنذ أن ترأسها عادل أبو شنب ثم زكريا تامر ثم ميشيل كيلو ثم دلال حاتم، وزينها برسوماته طه الخالدي ونذير نبعة ويوسف عبد لكي ولجينة الأصيل ونزار غازي.

مجلة أسامة كانت وفيّة لكل من أسّسها، سورية الهويّة عروبية الهوى، تنشر قيم الخير والجمال والطفولة في الوطن العربي وهي اليوم لاتزال تصدر ورقياً وإلكترونياً وتحتفي بنور عددها 854.