الثورة – إيمان زرزور
في مشهد إيماني مهيب يتكرر كل عام، يقف حجاج بيت الله الحرام، اليوم على صعيد جبل عرفات الطاهر، ملبين نداء الله
عزّ وجل، مؤدين أحد أهم أركان مناسك الحج في يوم التاسع من ذي الحجة، المعروف بـ “يوم عرفة”، الذي يُعد ذروة الحج وأعظمه.
توافد الحجاج منذ ساعات الصباح الأولى إلى عرفات، متوشحين بالبياض، مرددين التلبية، وسط أجواء روحانية وإيمانية خاشعة، ففي هذا اليوم الفضيل، اختلطت دموع الرجاء بخشوع القلوب، وارتفعت الأكف بالدعاء والاستغفار، في لحظات لا تُنسى من الخضوع الكامل لله، حيث قال رسول الله ﷺ: “الحج عرفة”.
سخّرت المملكة العربية السعودية كافة إمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن، حيث انتشرت الفرق الطبية والإسعافية، وقوات الأمن، والمرشدون، لتيسيرأداء الشعائر وسط تنظيم دقيق، يراعي السلامة والراحة والطمأنينة حيث يشكّل الوقوف بعرفة ذروة التجرّد من الدنيا، حيث يقف الجميع سواسية، لا فرق بين غني وفقير، ولا عربي وأعجمي، إلا بالتقوى.
يجسد هذا اليوم أعظم معاني الإيمان، والوحدة الإسلامية، والتسامح، والتضرع إلى الله، في مشهد يُلهم القلوب، ويهزّ النفوس مع غروب شمس عرفات، يبدأ الحجاج بالنفرة إلى مزدلفة، في سكينة والتزام، استعداداً لرمي الجمرات وذبح الهدي في اليوم التالي (عيد الأضحى)، متمّين بذلك مناسكهم على خطا سيدنا إبراهيم عليه السلام، واقتداءً بسنة النبي محمد ﷺ يبقى يوم عرفة لحظة استثنائية في حياة كلّ مسلم، وحلماً تحقق لكلّ من كتب الله له الحج، في مشهد عرفات لا يُختصر بكلمات، بل هو شهادة حيّة على عظمة هذا الدين، وعلى روحانية الركن الخامس من أركان الإسلام.
هذا العام، هو الأول على السوريين من دون حكم نظام الأسد، يحمل الحجاج السوريون معهم عبرات الفرح والفرج والنصر والإيمان بالمستقبل الجديد لسوريا، فحجم العناية التي يتلقون والرعاية من المؤسسات الرسمية في وزارة الأوقاف ومديرية الحج ومن السلطات السعودية كان موضع فخر وعزة لهم، إذ عاد للسوريين مجدهم وعزهم وفخرهم بانتمائهم.