الثورة – حسين صقر:
أسواق مزدحمة في دمشق والضواحي والمناطق، وأطفال يتجهزون للتعبير عن فرحهم بالعيد.. بضائع تملأ المحلات، متوافرة وبأسعار أقل من العام الماضي، تحسن في القدرة الشرائية بسبب المنحة المالية التي جاءت لسدّ بعض الثغرات، والبلاد على طريق التعافي، والجهات المسؤولة تقدم ما بوسعها لتحقيق الأمن للمواطنين على امتداد الساحة السورية.
لكن شعوراًعاماً يرتسم على وجوه كثيرة، خوف يختلط بالقلق، نتيجة وجود أشخاص أو مجموعات خارجة عن القانون، تتبع لجهات معينة، وفئات قليلة لا تريد للفرح أن يكتمل، ولا للبهجة حلول الأمكنة.
هؤلاء الحاقدون الكارهون لأن يهدأ بال السوريين، يعيثون خراباً، ويحاولون بثّ الفتن وإشعالها، فهؤلاء الذين لا تردعهم أخلاق، ولا تهمهم قيم، هؤلاء المدججون بالسلاح والأفكار الدخيلة والمعتقدات البعيدة عن المبادئ، يعبثون ليلاً ونهاراً بأعصاب الناس.
لا يعلمون أننا مستهلكون تماماً بعد 14 عاماً من الآلام والمعاناة، وأن أعصابنا المهترئة تنتظر الراحة والهدوء، ولم تعد تحتمل حتى سماع أنفاس أحدهم.
آن للسوريين بعد الظروف القاسية التي أحاطت بهم طيلة السنوات العجاف الماضية، وأيام الحصار التي عانوها من كل حدب وصوب، نتيجة سياسات النظام المخلوع، يبحث هؤلاء كل عام عن نافذة أمل جديدة يمضون فيها أيام الأعياد، وعيد الأضحى المبارك أحدها.
السوريون وبهدف تجاوز تلك الظروف، يبتكرون كل عام طقوساً خاصة بهم لقضاء أيام العيد بعيداً عن أي منغصات، رغم كثرتها، وهم بذلك ينسجون خيوط الفرح ليرفهوا عن أنفسهم وينسوا همومهم المعيشية والاقتصادية، لكن دون نسيان من فقدوهم بسبب الأحداث المؤسفة التي ألمت بهم في مختلف المناطق.
أينما توجهت في الأنحاء ترى لكل منطقة عاداتها وتقاليدها، حيث يراعي الأهالي فيها الافراح والأحزان، ويتبادلون التهاني والتبريكات في الوقت الذي يتقاسمون فيه البهجة والهموم، في وقت يراعون به في تلك ظروف بعضهم، حيث في بعض العائلات مهاجر أو متوفى أو مصاب أو مريض، فيتحول هذا اليوم في هذه المنازل إلى مكان للمواساة والزيارات التي لا تحمل أي مظاهر للفرح، بل تقتصر على مشاركة الجهة الهمَّ الذي تعانيه والظرف الذي تقاسيه، بهدف التخفيف من ألم المعاناة.
فرحة لم تكتمل
ويرى العم كنج المحمود أن العيد كان ولا يزال فرحة للكبير قبل الصغير منذ سنوات مضت، مع أن قدومه يحتاج لتوفير متطلبات كثيرة من ملابس للأطفال وشراء حلويات او حتى تحضيرها في المنزل، لكن فرحة العيد وطقوسه تجعل رب الأسرة أمام أمر لا مفرّ منه لتأمين تلك المتطلبات.
وأضاف المحمود: هذا العام أرى الفرح ناقصاً رغم التحرير وبداية عهد جديد، وذلك بسبب الأحداث المؤسفة في بعض المناطق والتي راح ضحيتها أبرياء نتيجة ممارسات الخارجين عن القانون والفلول، ولهذا تقتصر الأعياد في مناطق كثيرة على الطقوس الدينية والابتهالات والصلوات والدعوات حتى ينعم الوطن بالأمان الكامل.
بدورها السيدة نبيلة الكردي قالت: اختصاراً للتكاليف، وتخفيف الحركة والتنقلات، باتت الرسائل النصية ورسائل التواصل البديل الأكبر لكل الطقوس التي كانت معروفة بالعيد، وهو ما أبعد الناس عن بعضهم وجعلهم في عزلة.
وأضافت: نشتاق لفرحة العيد والزيارات المتبادلة التي كنا نقوم بها كبارا وصغاراً.
خلية نحل
من جهتها سعاد السليم قالت: كانت المنازل تشهد حالة استنفار مبكر قبل العيد، وتتحوّل إلى ما يشبه خلية نحل تعج بالحيوية والنشاط، وكان النسوة يتوزّعن العمل فيما بينهنّ في تلك المنازل، بكل مودة وطيب خاطر، فأول ما يقمن به، كان تنظيف الدار خصيصاً للعيد، وعملية التنظيف هذه كانوا يسمونها “تعزيلة العيد”، كي يكون جاهزاً لاستقبال الضيوف والمهنئين بالعيد من الأقارب والأصدقاء.
لكن بعد أن أرهقت المواطن الظروف اليوم، يستقبل السوريون عيد الأضحى وفي قلوب الكثيرين قلق وانتظار، فيما الكثير من السوريين يتحدثون عن قضاء عطلة العيد في منازلهم نتيجة لذلك، وبسبب الشائعات التي تنبعث من كل مكان في ظل غياب خطاب توضيحي عما يجري، ما خلا بعض الأماكن القريبة من إقامتهم والتي لا تستلزم سفراً بعيداً.
جشع التجار
أسعد سالم عز الدين قال: بالتوازي مع الظروف الصعبة، نجد أن جشع بعض التجار لا يقلُّ قساوة عن تلك الظروف، في ظل ترك مصير المواطن لثلة لا تشعر بوجع الناس وآلامهم ومعاناتهم، وهو ما يخيب الآمال بقدوم أيام يرتاح فيها المواطن المغلوب على أمره من هموم أثقلت كاهله، وجعلته عاجزاً لا يقوى على فعل شيء أمام عائلته التي تتزايد مطالبها وحاجاتها.