الثورة – رولا عيسى:
مازالت آمال السوريين تتجه نحو تحسين مستوى معيشتهم المتآكلة منذ زمن النظام المخلوع، فدخولهم كقطاع عام أو خاص بالكاد تكفيهم ثمناً لشراء مادة الخبز.
فما بالكم إذا توجهنا إلى الغذاء والدواء والنقل و التعليم والصحة، فحتماً هنا المشكلة عميقة جداً وتشكل وجعاً لا دواء له سوى تحسين المستوى المعيشي ومستوى الخدمات.
بعد التحرير مباشرة صرح وزير المالية في وقتها إن الحكومة ستزيد رواتب موظفي القطاع العام 400بالمئة، بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.
إلا أن الزيادة بقيت مجرد تصريح، ولم تتحول بعد إلى حبرعلى ورق، لكن اليوم تعود مواقع التواصل الاجتماعي لتتناقل تصريحاً جديداً لوزير المالية محمد يسر برنيه بأن هناك زيادة قريبة على رواتب الموظفين.
دخول متآكلة
مما أنعش الأمل من جديد لدى شريحة الموظفين، هؤلاء أصحاب الدخول المتآكلة، فلم يعد رابتهم يكفيهم حتى ثمناً لتأمين الخبز، مما يضطرهم للبحث عن وظائف ومصدر معيشة آخر هذا عن وجدوا إلىه سبيلاً.
وتقول الموظفة أمل تتوتنجي 45عاماً موظفة، أنها تفاءلت باقتراب الزيادة لكنها تساءلت في الوقت ذاته عن تأخر المنحة دون إيضاح السبب، منوهة أن راتبها لا تتجاوز قيمته 30 دولاراً، وهوغير كاف أبدا لتغطية الاحتياجات الأساسية والضرورية لمعظم الناس.
وقالت: في المرة الأولى سعدنا وكان الإعلان عن الزيادة مترافقاً مع نسبتها، فلم تأت الزيادة ولم تتحقق النسبة، وهذه المرة نأمل أن تكون الزيادة قريبة فعلاً، بحيث نصبح قادرين على تلبية احتياجاتنا الأساسية على الأقل، سواء أكان تأمين أجور النقل، أو تأمين تكاليف العلاج للمرضى، وصحيح أن الزيادة لن تغطي كل شيء مع تدهور الأجور وعدم القدرة على ضبط الأسعار.
زيادة رواتب وارتفاع الأسعار
من جهته، يقول سميرعبد العال، موظف في مرآب ، إن الزيادة مهما بلغ قدرها فإنها ستكون حتما أفضل من الوضع الحالي، لكن في الوقت نفسه يجب أن تكون مدروسة وأن لاتترافق مع رفع الأسعار وتسهم في توفير كل الاحتياجات مؤكداً أهمية أن تنخفض الأسعار بشكل أكبر خاصة الخبز والغاز.
وعن حاجة أسرته لتكتفي بالأساسيات، قال هنالك حاجة على الأقل ليكون الدخل 3 ملايين ليرة شهريا، وبالحد الأدنى لمصاريف المعيشة، هذا ولم نحسب بعد إيجار المنزل، وما نحتاجه من مستلزمات أخرى.
أسواق وبضائع
وبالتوازي مع حديث رفع الرواتب وتبعات الحرب الإسرائيلية الإيرانية، تشهد أسعار السلع الأساسية والبضائع في أسواق دمشق وريفها ارتفاعاً طفيفاً بالتوازي مع تراجع طفيف في سعر صرف الليرة السورية.
وسجّل سعر كيلو السكر، على سبيل المثال، 10000ليرة سورية، في حين بلغ سعر كيلو الأرز 15 ألف ليرة بدلا من 11 ألفاً، بينما بلغ سعر ليتر الزيت النباتي 22ألف ليرة بعد أن هبط إلى 18ألف ليرة.
اللافت أن الارتفاع في الأسعار طال بعض أنواع الخضار، منها البطاطا سجلت 8آلاف ليرة للكيلو، وسعر البندورة بين 8 آلاف إلى 10 آلاف ليرة.
وحول زيادة الرواتب المرتقبة يقول الخبير الاقتصادي فاخر قربي أن الزيادة يجب أن تتم بشكل مدروس، ولا بأس في أن تكون على دفعات للحد من الآثار التضخمية، وليتمكن الموظف من الاستفادة منها بشكل فعلي.
ويشير إلى أنه يجب أن تترافق الزيادة مع سياسة نقدية تقوم على أساس تعزيز السيولة النقدية في المصارف بحيث يتمكن المودعين من سحب مدخراتهم للقيام بمشاريع منتجة تجعل من زيادة الرواتب تذهب لصالح دعم التصنيع المحلي.
ويؤكد قربي إن الأثر الإيجابي لأي زيادة لا تحدده الزيادة، بل السياسات الأخرى المرافقة لها “بمعنى هل ستتم مثلا زيادة الفوائد في المصارف؟ وهل سيتم إصدار سندات خزينة من أجل امتصاص الفائض المالي؟ وهل سيتم طرح مشاريع؟ وهل ستطرح سوق الأوراق المالية أسهما من أجل سحب جزء من الفائض المالي لدى الأسر؟.
وقال قربي: سوريا من أزمة اقتصادية في السنوات الماضية ناجمة عن الصراع والعقوبات الغربية الصارمة، ذلك فضلا عن شح العملة لأسباب من بينها الانهيار المالي، وخسارة حقول النفط في شمال شرق البلاد.
أحد الحلول
وتقول الخبيرة التنموية ميرنا سفكون: دفع انخفاض قيمة الليرة السورية الحاد معظم السوريين إلى ما دون خط الفقر في ظل ضعف أجور القطاع العام وانهيار عدد من الصناعات مشيراً إلى أنه يبقى التعويل اليوم على الانفتاح العالمي على سوريا.
كذلك الاتجاه نحو تحسين الانتاج المحلي لتعزيز الوفرة والاتجاه نحو دعم الاقتصاد المتعب،عبر التصدير في ظل تحسن حالة المعابر السورية كذلك الاتجاه نحو تطبيق نظام سويفت.
لكن في المقابل اعتبر الخبير الاقتصادي قربي، أن زيادة الرواتب هي أحد الحلول المؤقتة والعاجلة للحد من ظاهرة التضخم ومواجهة الأزمة للعاملين بالقطاعين الحكومي والخاص.