تحسين البنية التحتية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ضروري .. الكردي لـ”الثورة”: سوريا تمتلك الكثير من المقومات الجاذبة للاستثمار
الثورة- هبه علي:
مرت العديد من الدول بظروف استثنائية أدت إلى تدهور اقتصاداتها وعجزها عن اللحاق بركب التنمية، إلا أنها استطاعت الخروج من أزماتها من خلال مجموعة من الوصفات الاقتصادية ومن أهمها تشجيع الاستثمار الاقتصادي والمالي مثل فيتنام ورواندا وجورجيا واليابان والهند وغيرها، وتستطيع سوريا كذلك الخروج من أعباء سنواتها العجاف.
ويلعب تشجيع الاستثمار الاقتصادي دوراً كبيراً في تحقيق التنمية المستدامة حيث تدفع الاستثمارات عجلة الإنتاج، وتخلق فرص عمل وتزيد من الدخل القومي وتؤدي إلى نقل التكنولوجيا والمعرفة وتحسين الميزان التجاري، وهذا يحقق نمواً اقتصادياً مستداماً بدلاً من النمو الاقتصادي المؤقت أو الموسمي.
توفير مناخ الاستثمار
وبحسب رأي الباحثة السياسية والاقتصادية نورهان الكردي فإن تشجيع جذب الاستثمارات الاقتصادية إلى سوريا يمكن بالعمل على محورين داخلي وخارجي:
أما الداخلي، فيتم عن طريق “توفير مناخ الاستثمار الذي يتحقق بالاستقرار السياسي والاقتصادي وتوفر البيئة القانونية والتنظيمية التي تؤمن سهولة تأسيس الشركات، وقوانين حماية للمستثمرين، بالإضافة إلى الشفافية ومكافحة الفساد، حيث إن السياسات الاقتصادية الواضحة والشفافة تقلل من مخاطر الاستثمار، كما أنه على الحكومة أن تدعم البنية التحتية المستدامة”.
وأشارت الباحثة الاقتصادية في حديث خاص لـ”الثورة”، إلى الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، والنقل الذكي وفي مجالات التعليم والصحة والزراعة والمياه التي ترفع جودة الحياة، فالاستثمار في المناطق الفقيرة والنائية يؤدي إلى دمج المجتمعات الهشة في الاقتصاد وهذا يسهم في تقليل الفوارق الاجتماعية وتعزيز العدالة الاقتصادية، لذلك يجب دراسة التحديات التي تواجه المستثمرين وطرح الحلول لمعالجتها، ثم على الجهات المعنية عرض الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات مع التركيز على تقديم الحوافز والتسهيلات للمستثمرين وضمان حقوقهم.
وحتى تصبح سوريا بيئة جاذبة للاستثمارات عليها تحسين البنية التحتية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة، فالمشروعات الصغيرة ليست أداة اقتصادية تتعاطى مع الحاضر فقط، إنما هي حجر الأساس لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة فمن شأنها تحقيق التمكين الاقتصادي وحماية البيئة وتعزيز التعاون الاجتماعي والاقتصادي”.
وأما المحور الخارجي: فعلى سوريا أن تضع نصب عينيها تجارب الدول الأخرى في تشجيع الاستثمار الاقتصادي، حيث تقدم بعض الدول نماذج دولية ناجحة في جذب الاستثمار، مثل سنغافورة وماليزيا والإمارات العربية المتحدة ورواندا وغيرها”.
وأضافت الكردي: انه من خلال الإطلاع على الإصلاحات التي ساعدت تلك الدول وكيف تكيفت هذه التجارب مع خصوصية كل بلد فأنشأت نموذجاً استثمارياً تنموياً خاصاً بها، حيث تساعد الإضاءة على تجارب الدول الأخرى في تفادي أخطائهم السابقة وتعطي رؤية واقعية وقابلة للتطبيق، كما تمنح القدرة على التعلم والتطوير المستمر وتعزز ثقة المستثمرين بأن الدولة تتبنى سياسات تفضي إلى نتائج ناجحة”.
سوريا والمنظمات الدولية
وعن دور المنظمات الدولية في مساعدة سوريا على جذب الاستثمارات، قالت الكردي: “يُظهر مجال الاستثمار الاقتصادي دور المنظمات الدولية الكبير في مساعدة الدول في ذلك، فمنظمات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بالإضافة للأمم المتحدة وبرامجها الإنمائية تعمل على توفير الدعم الفني والمالي وضمان الاستقرار الاقتصادي، ما يخلق بيئة مناسبة للاستثمار، فالمنظمات الدولية لا تشجع الاستثمار فقط من خلال التمويل بل تلعب دوراً مركزياً في توفير بيئة مستقرة وقانونية واقتصادية تساعد على جذب رؤوس الأموال وتدعم التنمية المستدامة في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، وهناك نماذج كثيرة توضح دور المنظمات الدولية في مساعدة الدول على تشجيع الاستثمار الاقتصادي والمالي، كما في مصر والأردن ورواندا والعراق، وغيرها، ويمكن لسورية أن تتجه نحو المنظمات الدولية لدعم جذب الاستثمارات”.
وعن أهم مقومات الجذب الاستثماري التي تملكها سوريا أوضحت الباحثة الكردي: “أنه لا يخفى على أحد امتلاك سوريا للكثير من العوامل الجاذبة للاستثمارات كالموقع الجغرافي المميز والثروات المتنوعة والقدرات البشرية الكبيرة، إلا أنها مازالت تعاني من مشكلات تشكل تحدياً أمام أن تصبح سورية بيئة جاذبة للاستثمارات وعلى الجهات صاحبة القرار العمل إلى إيجاد الحلول الفعالة له”.
وكانت الحكومة وقعت في 29 أيار الماضي اتفاقاً ومذكرة تفاهم، تعد الأولى في حجمها ونوعها بقيمة 7 مليارات دولار مع تحالف من كبرى الشركات الدولية الرائدة في مجال الطاقة، في طليعتها شركة أورباكون القابضة من خلال شركتها UCC القطرية، وشركة بور انترناشيونال الأميركية، وشركة غالون ىانرجي التركية المتخصصة في الطاقة المتجددة، وشركة انريجي التركية المتخصصة في مجال الطاقة أيضاً، وخلال أسبوعين فقط من رفع العقوبات، أعلنت موانئ دبي العالمية عن أكبر استثمار في سوريا حتى الآن بقيمة 800 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس.
كما أعلنت شركة CMA CGM الفرنسية عن استثمار بقيمة 262 مليون دولار لتطوير ميناء اللاذقية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة فيدو للمقاولات الصينية لاستثمار مناطق حرة بمساحة تتجاوز المليون متر مربع.