الثورة _ فادية مجد :
أسفر استهلاك لحم سمكة غريبة عن وفاة فتى في الثامنة من عمره بعد تسمم عائلة بكاملها في مدينة اللاذقية جراء تناولهم سمك البالون ( النفيخة ). وفي سنوات خلت حصلت عدة حالات تسمم ووفيات جراء استهلاك لحم هذه السمكة الغريبة، ولايزال خطرها قائماً بسبب عدم معرفة الكثيرين بسميتها القاتلة.
أصبحت المياه السورية مسرحاً لغزو خطير، حيث تهدد سمكة البالون أو ( النفيخة) السامة حياة الناس بشكل متكرر.
عن صفات تلك السمكة وسميتها وأعراض التسمم بها أفاد الناشط في البيئة البحرية محمود عبد القادر أحمد لـ ” الثورة ” أن سمكة البالون، أو مايعرف بالنفيخة ليست من كائنات البحر الأبيض المتوسط الأصلية، بل مهاجرة من البحر الأحمر والمحيط الهندي.
وأضاف أحمد أن ظهورها سُجل لأول مرة في المياه الإقليمية السورية عام 2004 قرب ميناء بانياس، ومنذ ذلك الحين توسع انتشارها بشكل لافت، وخاصة قرب شواطئ اللاذقية في ميناء البسيط وطرطوس على شواطئ جنوب المدينة.
وعزا العلماء هذا الغزو بشكل رئيسي بحسب أحمد إلى تغير المناخ، حين أدى ارتفاع درجات حرارة مياه المتوسط إلى تغيير خصائصه البيئية، الأمر الذي سمح لهذه السمكة بالتكيف والتكاثر بسرعة هائلة في بيئة جديدة
صفاتها ومدى سميتها
وبحسب أحمد فإن لهذه السمكة عدة أنواع وأشكال تتصف بوجه سفلي أبيض، ومن الأعلى ألوان فضي ورمادي وبني غالباً، وتشتهر بقدرتها على نفخ جسمها بشكل يشبه البالون عندما تشعر بالخطر، الأمر الذي يجعلها تبدو أكبر حجماً وأكثر صعوبة في الابتلاع من قبل المفترسين، وتبرز لها أشواك ناعمة على جلدها، إضافة إلى أنها تمتلك أربعة أسنان قوية تشبه منقار الطائر، قادرة على تمزيق الشباك وإحداث خسائر اقتصادية للصيادين.
ولفت الناشط في البيئة البحرية إلى احتواء أعضائها الداخلية خاصة الكبد والجلد والمناسل والعيون على سم “تيتريدوتوكسين” (TTX ) الفتاك، هذا السم يعطل عمل القنوات الصوديومية في الأعصاب، وبالتالي يؤدي إلى شلل سريع، موضحا أن مستوى السم يختلف باختلاف حجم وعمر السمكة، فالأفراد الصغار أقل من 16 سم قد تكون قليلة السمية أو حتى غير سامة، بينما تصبح السمكة أكثر فتكاً كلما كبرت في الحجم والعمر، مشيراً إلى أن مستوى سميتها يشكل عشرة آلاف ضعف سمية الزرنيخ، وأن كمية ضئيلة لا تتجاوز 0,75 ملغ، كافية لقتل إنسان وزنه 70 كغ.
وبين أحمد أن أعراض التسمم تظهر بسرعة كبيرة خلال عشرة إلى خمس وأربعين دقيقة من تناولها وتشمل تنميلاً وتخديراً حول الفم، وسيلان اللعاب وغثيانً وقيئاً شديداً وشللاً عضلياً متصاعداً وانخفاض ضغط الدم ودوخة وفقدانٱ للوعي، وفشلاً تنفسياً حاداً مسببٱ للوفاة.
العلاج محدود والحل عدم تناوله
وكشف أحمد عن عدم وجود مضاد نوعي ( ترياق ) لهذا السم حتى الآن، والعلاج في المستشفى داعم فقط ( تهوية صناعية، غسيل معدة، دعم للدورة الدموية ) ونجاحه غير مضمون، وخاصة في الحالات الشديدة.
ولفت أحمد إلى استمرار بيعها بشكل غير قانوني بعد تقشيرها وتجميدها ( فيليه ) لخداع المستهلك وإخفاء هويتها، رغم كل التوصيات الطبية والبيئية على ضرورة تجنب استهلاك هذه السمكة القاتلة السامة، ورغم صدور تعميم رسمي من قبل الهيئة العامة للثروة السمكية في سورية يلزم مديريات الزراعة بمصادرة أسماك النفيخة وإتلافها فوراً ومنع بيعها، مع فرض عقوبات قانونية صارمة على المخالفين، وذلك بعد سلسلة من الوفيات المؤسفة، ناصحا المواطنين بعدم شراء أي سمك مجهول الهوية، والإبلاغ عن أي بائع لها فهي خطر على صحة الإنسان والبيئة البحرية.