عبد الكريم لـ «الثورة»: تجربتي امتداد لمن سبقني في فلسفة الروح وعالم اللاوعي

● الثورة – أحمد صلال – باريس: 
نارت عبد الكريم كاتب صحفي وشاعر، تولد 1974، مقيم في فرنسا منذ العام 2012، نشر العديد من المقالات الفكريّة والفلسفيّة في جريدة الحياة اللبنانية بين الأعوام 2009 ـ2018، والكثير من القصائد في مواقع أدبية مختلفة بالإضافة الى كتاب صدر له مؤخراً باللغة الفرنسية عن دار مايا الباريسية، يلخص من خلاله تجاربه مع التحليل النفسي والبوذية ويعمل حالياً على إنجاز عمل جديد يضم مجموعة كبيرة من المقالات الفكرية تعتمد أسلوب «الكأس المقلوب» الذي يسعى الكاتب من خلاله لتقديم نص مفتوح ومختزل في الآن عينه، واضعاً القارئ أمام نفسه وفي مواجه شكوكه وتساؤلاته بدلاً من تقديم أجوبة جاهزة وآراء شخصيّة وهو بهذا الأسلوب يدمج ويستفيد من عدة مدارس فلسفيّة، ومنها أسلوب «الكوَّان» المعتمد لدى مدرسة «زن رينزاي» اليابانية والمدرسة اللاكانية في التحليل النفسي بالإضافة الى تأثره بالمناهج الصوفية في التعليم التي تلخصها عبارة الحلاج: من لم يفهم إشاراتنا لن تسعفه عباراتنا.

صحيفة «الثورة» كان لها الحوار التالي مع نارت عبد الكريم:


● بحكم وجودك خارج سوريا، منذ عقد ونيف تقريباً، أين ترى نفسك كمراقب ومتابع للوضع السوري وبعيداً عن الشّأن العام، أنت منكفئ على مشاريعك الفردية في عالم الشعر والكتابة، حدثني عن هذا الحصاد الثقافي الفردي؟
● ● من الصعب أن يعمل الفرد على مشروعين في آن واحد فما بالك لو كان هذا الفرد في غربة قسريّة ولديه التزامات ومهام كبيرة، بدءاً من تعلّم اللغة والاندماج والعمل وصولاً إلى مساعدة الأهل وتأسيس حياة جديدة، في الغربة أنت كما المولود الجديد، عليك تعلّم كل شيء تقريباً من البداية.

الاهتمام بالشّأن العام السوري، من وجهة نظري، لم يكن ذا جدوى، بل على العكس حيث الفوضى والتناحر والتنابذ كانت سمة المشتغلين به ولا حاجة بي للخوض في التفاصيل.

● بحثت في كتابك «سر الوادي الأحمر- الخارج من الزن العائد إلى الأحلام» عن كثير من معاني وجوده وما أثر في هذا الوجود وفي مسارك الحياتي عموماً؟، في هذا الكتاب الصادر حديثاً باللغة الفرنسية، تتناول شيئاً من سيرته الذاتيّة والسيرة الخاصة وتجربته في السياسة والسجون والشعر والبوذيّة والتحليل النفسي؛ حدّثني باستفاضة عن كل ذلك؟
● ● في بداية شبابي قضيتُ وقتاً لا بأس به مع الكتَّاب، بدءاً بسقراط مروراً بدوستويفسكي وصولاً الى فرويد ولاكان وسواهم.
كان أثرهم فيَّ كبيراً ولأنَّ التحليل النفسي، الذي تعرفت إليه مبكراً من خلال أعمال بيير داكو واريك فروم وسواهما، شدّني ولامس قلبي قررتُ خوض التجربة عملياً وليس فقط نظرياً وهذا ما حصل ومن يومها قررت أنْ أنجز يوماً ما عملاً، ألخصُ به تجربتي، لعل أحداً ما يستفيد منها كما استفدت أنا ممن قرأت لهم، فالحياة قصيرة وإنْ لم نتعلم ونستفد من تجارب من سبقنا سندفع ثمناً باهظاً من وقتنا وطاقتنا.

لم آتِ بجديد من خلال عملي المنشور باللغة الفرنسية، مع أنه جديد تماماً، ولكنه امتداد لتجارب من سبقني في طريق الروح وعالم اللاوعي الغامض.

إنه، أي العمل، مجرد اختصار لرحلة داخليّة قمتُ على مدى عقود، وتطبيق عملي لمقولة سقراط الباهرة: اعرف نفسك.
هذه الرحلة التي استخدمت فيها أدوات التحليل النفسي وممارسات البوذيّة بالإضافة إلى الاستفادة من إرشادات الصوفيّين الكبار من أمثال ابن عربي وابن الفارض ومولانا جلال الدين الرومي الذي أثرت بي عباراته أشد التأثير ومنها: قمّة الأدب ترك الأدب.

● ولدت في مدينة صغيرة على ضفاف نهر الفرات، مدينة صغيرة نائية وشبه معزولة عن العالم وتجاربه وخصوصاً أن التلفاز نفسه بقنواته الفضائيّة لم يكن قد دخل بلادنا بعد، حيث لم يكن متاحاً لنا سوى مشاهدة قناة متلفزة واحدة تشرف عليها الحكومة وتبث من خلاله دعاياتها وأيديولوجيتها الفاشية، نارت عبد الكريم حبّذا لو تحدّثنا عن تلك المرحلة؟
● ● ولدتُ في زمن الإرهاب، إرهاب الدولة الأسدية، والحروب التي كانت مشتعلة في كل مكان، بدءاً من صراع النظام ضد الإخوان المسلمين مروراً بحروب فلسطين ولبنان ولاحقاً العراق ولحسن الحظ وجدتُ لي ملاذاً آمناً يخصّني وحدي فكانت الكتب رفيقتي وكذلك نهر الفرات، حيث كان بيتنا يطل على البحيرة التي تشكلت خلف سد الفرات.

ـ بعض الكُتَّاب يستخدمون كتب السير الذاتية لتلميع أنفسهم وتجاربهم، ومع ذلك الكثيرون منهم التزموا الصدق الذاتي في تسجيل ما مرّوا به من مشكلات وصعوبات وطموحات ومواقف فارقة، وحتى أخطاء كبرى وقعوا فيها وتجاوزوها.. نارت عبد الكريم نتاجك من أين نوع منهما؟
ملخص لرحلتي في العالم غير المادي، كما ذكرت آنفاً، أي عالم الروح واللاوعي، وليس الهدف منه التلميع ولا إثبات الذات، فتلك رغبات انطفأت في داخلي.

● ولا بد من الإشارة إلى غرق النص بكم هائل من الاستشهادات والاستعارات لكتّاب كبار في علم النفس والفلسفة والفكر تجعل من الكتاب ناقص الفرادة في بعض مواضعه، أعمال فرويد ويونغ وغيرهم كل هذه الاستعارات ألا ينقص الكتاب من فرادة مواضيعه؟
● ● لا تهمني الفرادة إذا لم تصل قلب القارئ وعقله ولأنني نشرتُ عملي باللغة الفرنسية فكان لا بد لي من الأخذ بعين الاعتبار المتلقي الفرنسي، وهو بالعموم متلق بعيد عن هذه العوالم، واستخدام الاستشهادات الكثيرة كانت تشبه، إلى حد ما، حال أعمى البصر الذي حمل مصباحاً مضيئاً حتى لا يصطدم به أعمى البصيرة.
● نارت عبد الكريم بين الاشتغال في الشأن العام والشعر والصحافة، كيف زاوجت بين عدة مجالات مختلفة؟
● ● من حسن حظّي أنّني انكفأتُ عن الشّأن العام من زمن بعيد نسبياً ولم أقع فيما وقع فيه غيري، وكذلك الصحافة ابتعدت عنها سوى بعض مقالات كنت أنشرها في جريدة الحياة ولاحقاً في مجلة صور، وكان هدفي من وراء هذا الابتعاد الإخلاص لهدفي بالذهاب بعيداً فيما وراء المادة.

● أنت تجعلنا كقرّاء نلهث خلف حكايات عن طفولة مُعذبة، وجفاء آباء أو تحدٍّ لشظف عيش، وصولاً إلى تحقيق طموحات وآمال، وإن كان هذا المعنى مُتحققًا بشكل أو بآخر، إلا أنّه ليس الهدف الأصلي أو الحقيقي. فالهدف هو وضع ذات الرّاوي والمرويّ عنه في مواجهة وندية في ذات الوقت، لإبراز التقاطعات بين الذاتين؛ هل فشلت في ذلك؟
● ● لست في هذا المكان ولم يكن هذا هدفي، بل تسليط الضوء على جوانب من الحياة والذات البشرية تمّ اهمالها وتشويهها على مرّ التاريخ، بالإضافة إلى رغبتي في التعبير عن نفسي والاحتجاج على الإهمال الكبير الذي طال الروح، فالروح كما جاء في القرآن من علم ربي، ولكن ربي في الآن نفسه أقرب اليكم من حبل الوريد، فهل تروح الروح اذاً؟

آخر الأخبار
الرئيس الشرع والبطريرك يازجي ..وحدة السوريين صمام الأمان أمام محاولات التقسيم والتفكيك  "العدل" : عدم فك احتباس الحفارات التي تقوم بحفر آبار  بدون ترخيص   الشيباني مع المحافظين : الاستفادة من الدعم الدولي بما يخدم الأولويات المحلية   الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر يازجي وتأكيد على الدور الوطني        انفجار المزة ناجم عن عبوة ناسفة مزروعة بداخل سيارة مركونة  المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع خفايا  ثوب الانفصال!   حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا