الثورة- راغب العطيه
تختصر كلمة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني أمام المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي 5 آذار الماضي، الرغبة الأكيدة لدى الحكومة السورية بإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية سيئ الصيت للنظام السابق، والتي أكد فيها التزام سوريا بالأمن الدولي، والوفاء للضحايا الذين فقدوا أرواحهم اختناقاً على يد نظام بشار الأسد المخلوع.
وتعد مشاركة سوريا لأول مرة في اجتماعات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بعد سقوط النظام البائد، دليلاً واضحاً على اهتمام دمشق بالتعاون مع المنظمة الدولية، لجهة التخلص من تبعات هذه الأسلحة المحرمة دولياً.
وبحسب وكالة رويترز تعهد الشيباني، بتدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية، التي تراكمت في عهد النظام السابق، وقال: “برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، يمثل أحد أحلك الفصول، في تاريخ سوريا والعالم”، مؤكداً التزام سوريا بتفكيك ما تبقى منه، ووضع حد لهذا الإرث المؤلم”.
وأجرى المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السفير فرناندو آرياس، خلال زيارة له إلى دمشق في 8 شباط 2025، برفقة وفد رفيع المستوى من المنظمة، محادثات مع السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني.
وفي تصريحات له أكد المدير العام للمنظمة أن الزيارة تمثل ما وصفه إعادة ضبط للأمور، بعد 11 عاماً من العرقلة التي مارستها سلطات النظام السابق، وقال: “إن وجودي في دمشق تجسيد لالتزام المنظمة بإعادة بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة والشفافية، لقد ظل ملف الأسلحة الكيميائية السوري لأكثر من عقد من الزمن في طريق مسدود، واليوم، يجب أن نغتنم هذه الفرصة معا ونخرج من هذا الطريق المسدود لما فيه خير الشعب السوري والمجتمع الدولي.
وأكد آرياس أن المنظمة على استعداد لدعم سوريا في الإيفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وبذلك، ستعمل سلطات تصريف الأعمال على حماية الشعب السوري، وستساعد على محاسبة كل من ثبت أنهم استخدموا الأسلحة الكيميائية، وستعزز سمعة البلد باعتباره عضواً في المجتمع الدولي يمكن الاعتماد عليه والوثوق به، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تمهد الطريق للعمل بين الطرفين في سبيل إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية السوري إلى الأبد، وتعزيز الامتثال على المدى الطويل، والاستقرار الإقليمي، والمساهمة في السلم والأمن الدوليين”.
وفي بيان أصدرته المنظمة يوم الزيارة أكدت فيه أن الاجتماعات كانت مطولة ومثمرة ومنفتحة جداً، وأجري خلالها تبادل معمق للمعلومات، وهو ما سيمثل أساساً سيُستنَد إليه للتوصل إلى نتائج ملموسة وكسر الجمود الذي استمر لما يزيد عن 11 عاماً.
وأضاف البيان الذي نشر على موقع الأمم المتحدة “أن هذه الزيارة كانت خطوة أولى نحو إعادة بناء علاقة عمل مباشرة بين الأمانة الفنية للمنظمة وسوريا، بعد 11 عاماً من الركود وعدم إحراز تقدم مع السلطات السابقة، مشيراً إلى أن الجانبين ناقشا في اجتماعهما التزامات سوريا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ودور المنظمة وولايتها، ونوع الدعم الذي يمكن أن تقدمه الأمانة الفنية إلى سلطات تصريف الأعمال السورية لإزالة مخلفات برنامج الأسلحة الكيميائية السوري”.
وأعلنت سوريا يوم الجمعة الماضي 11 تموز أنها تعتزم إطلاق مجموعات عمل دولية بقيادتها لإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية التي خلّفها النظام البائد، وألقى مستشار وزير الخارجية والمغتربين إبراهيم العلبي كلمة سوريا أمام الدورة 109 للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تحدث فيها عن التقدم المحرز على الأرض في معالجة ملف الأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى تعاون سوري مستمر مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في هذا المجال.
وأشادت المنظمة من جانبها بتعاون دمشق الفعّال، بما في ذلك تسهيل عمليات الانتشار الميداني، وتقديم الدعم اللوجستي، والمساهمة في إعداد خطط تنفيذية مشتركة.
وبحسب وكالة “سانا”، أعرب أعضاء المجلس التنفيذي، إلى جانب المدير العام للمنظمة والدول المراقبة، عن دعمهم الكامل للجهود السورية، في خطوة تمثل قطيعة واضحة مع سنوات من العرقلة التي اتسم بها تعامل النظام السابق مع هذا الملف.
وتأتي مشاركة سوريا الفعّالة في اجتماعات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مختلف المستويات منذ سقوط نظام الأسد، إلى جانب تأكيد التزامها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه المحافل عملياً على الأرض، دليل واضح لا لبس فيه أن سوريا الجديدة عازمة على أن تكون عضواً مسؤولاً وقائدة في المجتمع الدولي، وستكون عامل استقرار في المنطقة، وعاملاً مهماً في حفظ الأمن والسلم الدوليين.