الثورة – غصون سليمان:
من منا لم يمر في حياته الطويلة أو القصيرة بشيء من الفوضى النفسية العابرة للحظات الاتزان والهدوء، فهل سبق للمرء أن وصلت لديه مماحكات المشاعر وتقلبات المزاج إلى حد الصراع؟ ما يدل في إشارة إلى حالة من الارتباك والاضطراب الداخلي، إذ يعاني الشخص من صعوبة في تنظيم أفكاره ومشاعره وسلوكه.
في مؤشرات هذا المصطلح وحسب الدراسات والأبحاث، قد تتجلى الفوضى النفسية في مجموعة متنوعة من الأعراض مثل القلق، والتوتر، وصعوبة التركيز، وتشتت الانتباه، وتقلبات مزاجية حادة، والشعور بالإرهاق، ما يؤثر على السلوك اليومي للأفراد وينعكس سلبا على أجواء الأسرة وبيئة العمل.
ضغوط..
يبدو أن الضغوط الحياتية وما يترب عليها من ضغوط نفسية واجتماعية ومادية تساهم في إثارة الفوضى الداخلية.. ناهيك عن الصدمات النفسية الأخرى، والأحداث المؤلمة بأشكالها المختلفة، والتي تترك آثاراً نفسية عميقة ما يؤدي إلى اضطرابات في التفكير والسلوك.. فبعض الأمراض النفسية المذكورة آنفاً مثل الاكتئاب والقلق واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يمكن لها، أن تسبب فوضى نفسية.
وفي الجانب الآخر قد يكون لملامح وسمات الشخصية دور في مدى تأثير الفوضى النفسية على الفرد، فمن المعروف أن الشخصيات التي تتسم بالقلق أو عدم الاستقرار العاطفي قد تكون أكثر عرضة للشعور بالفوضى.كذلك واقع البيئة المحيطة، سواء كانت مادية أم اجتماعية أم
عاطفية، فإنها تزيد من منسوب الفوضى الداخلية التي تؤثر على المرء لأيام وأيام كما يقال.وإذا ما بحثنا في آثار الفوضى النفسية، وتأثيرها على الصحة العقلية، يشير المعالج النفسي نضال الكيلاني إلى أن هذا النوع من الفوضى، يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم وغيرها من المشكلات الصحية النفسية، مثل: صعوبة التركيز وتشتت الانتباه بين الحين والآخر ما ينعكس سلباً على الأداء الدراسي أو الوظيفي، وفي الوقت ذاته قد تؤدي إلى صعوبة في بناء علاقات اجتماعية سليمة والحفاظ على علاقات صحية مع الآخرين.. أيضاً تؤدي الفوضى النفسية إلى مشكلات جسدية مثل التوتر وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
الكيلاني أوضح في هذا الجانب أن الفوضى النفسية تأتي، نتيجة الصدمات النفسية التي لم تُعالج من قبل، وخاصة ذكريات الماضي المؤلمة والتي أصبحت مسيطرة على الشخص من دون فائدة، بل تنقلب إلى حالة سلبية، تضيق على تفكير الإنسان.
إضافة للمخاوف المستمرة والتي لا أساس لها في وقت الشخص الحالي.. الكيلاني ينصح بالعموم أن يعالج كل إنسان صدماته فقط، ويتحدث عن ماضيه كدرس يجب الاستفادة منه، وأن ينظر للغد برؤية أوسع، مؤكداً على عدم القلق بشأن المستقبل أكثر من اللازم، كي يبقى التفاؤل سيد الموقف بما يدعو لخير العمل وحسن التدبير.
وأشار إلى أن العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي، من شأنه أن يساعد في تطوير آليات التعامل مع المشاعر والأفكار السلبية ونقلها إلى ضفاف الإيجاب.فالتنظيم- برأي كيلاني- ينطلق من ترتيب البيئة المادية وتنظيم الوقت فهما يساعدان في تقليل الفوضى الذهنية مهما علت أوتارها.