الثورة – رفاه الدروبي:
نظَّم الاتحاد العام للكتَّاب والأدباء الفلسطينيين- فرع سوريا أمسية بعنوان: “الوفاء للروائي والسيناريست الفلسطيني- السوري حسن سامي يوسف، في الذكرى السنوية الأولى لوفاته، وأدار الجلسة الدكتور ثائر عودة.
استهلَّت الأمسية الكاتبة ربا شاويش- زوجة الكاتب حسن سامي يوسف، مشيرةً إلى أنَّ الأفكار كانت موجودة وواضحة لديها ولاسيما أثناء تذكُّرها لكثيرٍ من المفردات الوجدانية كيف تكون حقائق ملموسة والتعامل مع الفكرة، إذ رافقته عشر سنوات من حياته وكثيراً ما كان يدعوها لعدم الكتابة بجمل إنشائية والبهارج اللغوية، مؤكِّداً على قاعدة الإقناع والتعامل مع الفكرة، وكان يكره المنابر مثلها، وكان أستاذها، إذ علمها أسلوب التفكير وفن الاستبعاد والانتقاء، وأن تكون حاسمة، وأثناء الوقوع بالخطأ لا يعني أنَّنا لسنا على صواب، وكثيراً ما ينتابه شعوره باليتم للأب ولفلسطين.
انطلق من الناس
وأكَّد الفنان غسان مسعود على أنّ الروائي حسن سامي يوسف جعلنا لا نفرق بين سوريا وفلسطين، كان المبدع لا يغيب ويحضر بأشكال متعددة، ثم عاد الفنان مسعود إلى لحظات تعرُّفه إليه أثناء إنجاز فيلم “المتبقي”، كان يشعر أنَّه خجول ولا يحب الظهور ولا الضوء، بل كاتب أكاديمي موهوب ومعرفي، ينطلق من الناس والمجتمع وفعل ما فعله تشيخوف في الكتابة القصصية، إذ أنزل الأدب الروسي من السماء إلى الأرض، بينما جعل حسن سامي يوسف الناس يعيشون قصصه، فمن لا يذكر أعماله: “زمن العار”، “الندم”، “نساء صغيرات”، وعاشت الشخصيات مصائرها وأقدارها ضمن بيئة المجتمع الدمشقي، سواء أكان حياً أم حارة أم تعيش مصيرها، يُقدِّمها ببساطة مطلقة، إنه أسلوب السهل الممتنع المبتعد عن الخطب والشعارات.
ولفت الفنان مسعود إلى أن المنتجين في الأيام الراهنة لا يرغبون بنصوص تحمل هموم الناس وقضاياهم ومصائرهم، وبنفس الوقت لا يقدم للمجتمع من خلال أعماله دروساً ولا خطباً ولا وصايا، بل يرتبط اسمه بالمهمشين، وكان دائماً في المقدمة من بين الحاملين على أكتافهم مجد الدراما السورية وعزها.
بوابة الجنة
بدوره الفنان تيسير إدريس، ذكر أنَّ فلسطين وغسان كنفاني وشعر المتنبي، يشكلون ثلاثي العشق لديه، فيما فلسطين المعشوقة الأبدية، لذا كتب عنها روايته “بوابة الجنة” وتحكي عن مجموعة من الشباب المقاومين ممن استشهدوا وصعدوا إلى الجنة، وراحوا يتآمرون عليها ليعودوا ويحرروا وطنهم المسلوب، فذات مرة دعاه الفنان إدريس لزيارة رام الله، لكن عندما عقد العزم تراجع بسبب عدم تمكُّنه من زيارة بلده ورؤية المستعمر يسير على أرض وطنه.
الراوي نفسه
من جهته الناقد أحمد هلال لفت إلى أنَّ غيابه يحضر الفلسطيني جداً، الحالم أبداً، المتطير من عشوائية الأرواح صاحب الرواية الغواية.. لا تنتهي عند عتبة الألم.. كان نفسه الرواية.. لم تضع أوزارها تماماً بل كثافة الرحلة من الكلمة إلى الصورة وما بينهما من حلم عاشق يسرد بالصورة، لكن في البدء كانت الكلمة.
فيما يستأنف اليوسف توقد الفلسطيني لسردية مغايرة قوامها الواقع ومنه إلى الحلم، وبينهما تلك السيرورة حملها وعي المبدع من طراز خاص، وزورق يتهادى بضراوة الحلم على أمواج النكبات العاتية شغفاً بالوصول إلى “بوابة الجنة”.. سيرورة أم مركب من السيرورات المتصلة بهواجسنا وكوامننا الخفية، فغالباً ما يمزج شرطه الاجتماعي بالوجودي الخالص في ظل النوع الأصيل لكتابة الرواية المستحيلة.
هادئ من دون ضجيج
خاتماً الدكتور ثائر عودة الأمسية، أنَّ اليوسف المثقف الفلسطيني- السوري النهم، إذ كان يعيش مفارقة موجعة، هادئاً دون ضجيج والشهرة ليست ذات قيمة على الرغم من أنَّها أتته دون أن يسعى إليها.
كان يرى الألم يصنع الحكايات، عبارةً دوَّنها في روايته الشهيرة “عتبة الألم”، كما يؤكد على أنَّه يتوجَّب على السوريين والفلسطينيين امتلاك روايتهما الخاصة لأنَّ لا أحد سواهما يمكنه إظهار الألم العميم والمعاناة الباهظة المفروضة عليهما كونهما ينتميان إلى مدن مثل دمشق وغزة وهما الأحق والأجدر بالأمل والحياة.