الثورة – لميس علي:
يقول الخبر إنه تمّ استيراد أول دفعة من الزوجات الإلكترونيات لمدينة “دبي”، مع جملة من الميّزات الإنسانية التي تتمتّع بها هذه الروبوتات.في جولة سريعة لاستقصاء صحة الخبر، لن نجد أي شيء يدعم أو ينفي، مجرد تناقل للخبر كنوعٍ من التسويق الملفت، لكن لأي شيء..؟للتوجه نحو التحوّل الرقمي الذي بدأ باستخدام الذكاء الاصطناعي في عقد قِران توسط فيه الروبوت العروسين، ناقلاً صوت القاضي بواسطة بث مباشر.
في الأمر رسالة “رمزية” تقول فيها حكومة دبي: “نحن مستعدون لتبني المستقبل بصيغة ذكية تواكب العصر”.حادثة عقد القِران حدثت منذ سنوات قليلة ماضية، فيما خبر تصنيع زوجات إلكترونيات لم يتعدَّ الأيام وأحدث جدلاً بين مستهجن ومؤيد، وربما كان صنف المؤيدين ممن يقتربون من أفكار “رأي كورزويل” الذي تحدّث عمّا بعد الإنسانية، وتنبأ أنه لن يكون هناك فرق بين البشر والآلات.في زمن ما بعد الإنسانية.. هل ستنقرض مشاعرنا أم ستتطور بصيغة ما بعد تقليدية..؟
وهل سنستطيع إعادة تشكيلها على صورة زماننا..؟
ولاسيما أننا في زمن كل معطياته تزيد من حالة التواصل عن بُعد، وتقترب شيئاً فشيئاً من إدماج الذكاء الاصطناعي ضمن الحياة اليومية، فما شكل الحب في زمن “التفرد” الذي تحدث عنه “كورزويل”؟
هل يمكن أن ينشأ عمّا يطلق عليه “حب عن بعد” زواجٌ عن بُعد دون لقاء واقعي؟
ربما..نصل إلى زمن ما بعد العاطفة حيث يبرم الحبّ نفسه بلا قلب نابض؟ أو ربما نصل إلى حالة “الحبّ المبرمج” حرفياً، حين يندمج الإنسان بالآلة وفقاً لأفكار “كورزويل” متحدثاً عن الإنسان “ما بعد بشري/ Post human”،عبر زرع رقاقات داخل الجسم، والقدرة على إلغاء بعض الأمراض.. أو حتى من خلال تحقيق ما أطلق عليه “الخلود الرقمي/Digital immortality ” بواسطة تحميل وعي الإنسان على أجهزة رقمية وهو ما تحدث عنه أيضاً “ميتشيو كاكو” في كتابه مستقبل العقل: “قد نتمكن من رقمنة وعينا، وأن نعيش إلى الأبد داخل جهاز كمبيوتر”.
في حال تمت رقمنة الوعي/ الذاكرة.. ماذا عن العاطفة والمشاعر..؟ وإذا كنا سنحمل وعينا على آلات، فمن الذي سيحبّ.. ومن سيشتاق.. ومن سيُخذل..؟
البعض تساءل: حين يُخزّن الحبّ على قرص صلب، من يضمن أصالته..؟ يبدو أن “كورزويل” يرى الجانب الإيجابي وينتصر له، دون محاولة لمح سلبيات ما يتنبأ به.. مقتنعاً أن ما بعد الإنسانية ليست نهاية الإنسان، بل نهاية نسخة واحدة منه “فقط”، فاتحاد الإنسان بالآلة يعني ولادة كائن بوعي ممتد..هل يعني امتداد هذا الوعي، حضور المشاعر بذات الكثافة الآدمية..؟ وهل سيبقى لعلاقاتنا الدفء ذاته حين التحوّل إلى “نصف رقمية ونصف بشرية”؟ عمّ نتحدّث في زمن يتلاشى فيه صدق العاطفة وتصبح فيه الحميمية مجرد رموز..؟ هل علينا أن نقتنع، بوقتنا الحالي، بوجود نسخة “رقمية” منّا، يجب تفعيلها كما الواقعية تماماً، حتى من حيث العاطفة..؟