الثورة – سيرين المصطفى:
بعد تحرير سوريا من نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، عاد الأهالي تدريجياً إلى قراهم ومدنهم في ريف إدلب الجنوبي، يحملون في قلوبهم شوقاً عارماً وحنيناً لأرضهم.
لكن الفرحة بالعودة لم تكتمل، إذ اصطدموا بمشاهد الدمار الشامل، حيث غطت الأنقاض بقايا بيوت كانت يوماً مليئة بالحياة والذكريات.
في ريف إدلب الجنوبي، يواجه العائدون كميات بأحجام مختلفة من الأنقاض والدمار، حتى إن بعضهم لم يتعرف على منازلهم أو شوارعهم، بل ولا على أحيائهم التي شهدت طفولتهم.
لقد تحول كل شيء إلى ركام صامت، يروي بصمت قصص حرب طالت كل مظهر من مظاهر الحياة.
الأنقاض بقايا حرب ممنهجة
القصف الذي شنته قوات الأسد طوال سنوات الثورة لم يكن عشوائياً، بل كان هجوماً متعمداً استهدف الأحياء السكنية والبنية التحتية.
آلاف المنازل والمدارس والمساجد والأسواق تحولت إلى أنقاض، مخلفة كتلاً هائلة من الركام تعيق العودة إلى الحياة الطبيعية وتجعلها تحدياً شاقاً.
مخاطر صحية وبيئية
في ريف إدلب الجنوبي، يعاني السكان من تراكم الأنقاض الذي لا يعرقل إعادة الإعمار فحسب، بل يشكل خطراً جسيماً على الصحة العامة.
الغبار والمواد السامة الناتجة عن تفتت الخرسانة واحتراق المواد تتسبب في أمراض تنفسية وجلدية، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
كأهمية أن هذه الأنقاض باتت مأوى للحشرات والقوارض، وتحمل في طياتها خطر المتفجرات غير المنفجرة، مهددة سلامة الجميع.
عوائق أمام إعادة الإعمار
تمكن بعض الأهالي من إزالة الأنقاض من منازلهم وتنظيفها، لكنهم عجزوا عن تطهير القرى والمدن بأكملها، إذ تتطلب ذلك إمكانيات لوجستية هائلة، وآليات متخصصة، وكوادر فنية مدربة.
وفي ظل نقص الدعم الدولي، تعاني المجالس المحلية من شح الموارد، ما يعرقل عمليات التنظيف وإعادة التأهيل، ويؤثر سلباً على حياة العائدين ويُعيق استقرارهم.
الحلول المقترحة
يطالب العائدون بإطلاق مشاريع لإزالة الأنقاض بالتعاون بين المجالس المحلية والمنظمات الدولية، مؤكدين استعدادهم للمساهمة بكل الإمكانيات المتاحة.
ويرى ناشطون أن الأولوية الآن تكمن في تنظيم حملات تطوعية بإشراف هندسي لضمان السلامة، إلى جانب توفير دعم دولي مخصص لإعادة الإعمار، يبدأ بتطهير الأنقاض.
كما يشددون على أهمية نشر الوعي بين السكان حول مخاطر الأنقاض وكيفية التعامل معها بأمان.
في النهاية، الأنقاض ليست مجرد حجارة مهدّمة، بل ذاكرة مفتوحة على وجع طويل، وعقبة واقعية في طريق الإعمار.
تجاوزها يتطلب إرادة جماعية، ودعماً فعلياً، ليمضي السوريون في بناء ما هدمه الطغيان، واستعادة حياة تستحقها أرضهم وتاريخهم.