ثورة أون لاين :
ولأن كلاً يغني على ليلاه، فقد كتب السعودي جمال خاشقجي على تويتر منذ أيام يقول : «اقترب الصيف، وحان زمن اللاذقية» وليلى هذا المنغولي الخاشقجي هنا هي توقعاته.. بل أمنياته،
بأن عاصفة الجهل التي تهب من صحراء كله الخالي على اليمن سوف تصل إلى سورية وإلى لاذقيتها بالتحديد!
هكذا قرأ الرجل.. إن كان رجلاً ! خطابات الرئيس أوباما وتصريحاته الأخيرة، خاصة منها ما يتعلق بالقوة العربية المشتركة، ووجد فيها ضوءاً أميركياً أخضر.. كي تتابع جحافل الجهالة السعودية زحفها المجوقل بالعفونة والعمالة والمال الحرام إلى سورية، ولم يقرأ.. أو ربما لم يفهم، وهذا هو الأرجح، ما ينبغي أنه قرأه في تصريحات أوباما عن العدو الحقيقي لمحميات الخليج، العدو الداخلي المعشش في ثنيات وطيات المجتمعات الخليجية البدائية الطفيلية، الغارقة في لجة الاستهلاك الأعمى لثروة صاعدة من جوف الأرض، وأن القوة العسكرية الأميركية وإن استطاعت حماية عروش التخلف والهمجية في هذه المحميات طيلة عشرات السنين كما يقول أوباما، فإنها لن تستطيع شيئاً أمام عقائد وأيديولوجيات متعفنة وهابية تكفيرية ظلامية مظلمة، تتغلغل في تلافيف العقل الخليجي عامة والسعودي خاصة.. حتى لكأنها تسوقه سوقاً إلى حتفه المقترب بيده الآثمة!
وإذا كان ثمة ضوء أخضر أميركي ما في تصريحات أوباما إلى النيويورك تايمز، فقد قرأه السعوديون خطأً، حين ظلوا على أوهامهم بإمكانية شراء أميركا دائماً، وبإمكانية تواصل العرض الأميركي لتأجير القوة العسكرية دائماً، مع أنهم باتوا، كما يفترض، خبراء في العمل وفق الأضواء الأميركية الخضراء والحمراء، وإذا كان لباكستان من السيادة وحرية القرار أن ترفض تأجير جيشها للدفاع عنهم، مقابل عروضهم السخية من ثروة مجانية قال عنها كيسنجر يوماً «إنها مجرد خطأ جيولوجي ينبغي تصحيحه».. وقد صححه الأميركيون طويلاً، فما بالهم يتوهمون أن الحمار الأميركي لا بد أن يسقط في حفرة الغزو مرة ثانية ؟
المشكلة الحقيقية اليوم كما يشير الرئيس أوباما وبوضوح في تصريحاته إلى النيويورك تايمز ليست كما كانت دائماً من قبل، ولا هي في هذا الخاشقجي أو سواه من الجهلة السعوديين الذين لا يعرفون القراءة أصلاً إلا في كراريسهم المتخمة بالتخلف والبداوة، بل هي في أنموذج عقل كلب الصيد المتدرب جيداً على إشارات وحركات يد الصياد الأميركي لا على عقله، إذ يخنس ذليلاً بإشارة وينطلق عميلاً بأخرى، المشكلة في هذا الأنموذج من العقل المسقوف بالنهم والترهل والبلادة.. المحكوم بضحالة المعرفة وفيض الاجتهاد الغرائزي الأعمى وانحطاط البنية الأخلاقية المسؤولة، والذي لم يعد ينتظر خطراً خارجياً داهماً أكبر وأخطر من خطره على نفسه من الداخل كما يقول أوباما وكما لم يسمع السعوديون!!
ترى، هل حان زمن اللاذقية حقاً وحينها يرتد التاريخ إلى البربرية.. أم هو زمن جدة وحينها يواصل مساره الحضاري وينظف طريقه ويعبدها؟
خالد الأشهب