الثورة – عبير علي:
في قلب معرض دمشق الدولي، يتجلى شغف الحرفي مأمون الحلاق، البالغ من العمر 66 عاماً، الذي يقف بفخر مرتدياً ثيابه التراثية الدمشقية المميزة، ليكون حلقة الوصل بين الماضي والحاضر.. يحمل في يديه المهارة والفن، ويقدم للزوار مشغولات فنية تأسر الأنظار وتجسد التاريخ بعبق خاص.عبر آلة المخرطة الخشبية السحرية، المكونة من قوس وحبل، يعمل كالنحات في حجر مرمر، إذ يقضي ساعات طويلة في تشكيل القطع الفنية بدقة متناهية..
“العمل اليدوي له نكهته الخاصة”، هذا ما قاله لصحيفة الثورة، وهو يستعرض مهاراته في القص والحبك والخراطة والرسم أمام جمهور المعرض، مُعبراً عن فخره كواحد من القلائل الذين لا يزالون يمارسون هذه الحرفة التقليدية، بعد أكثر من 55 عاماً من الخبرة، يُظهر الحلاق براعة فريدة في صناعة التحف الصغيرة مثل: الصمديات، والمهباج، وجرن الكبة، والتي تحقق طلباً متزايداً، وتمنح الزبائن فرصة اقتناء قطع فنية يسهل حملها، لكن عمله على آلة المخرطة ليس مجرد حرفة، فمن خلاله يسرد حكايات الأجداد ويعيد إحياء فنون مدينته العريقة. وفي لحظة تأمل، يستذكر الحلاق التحديات التي واجهها قائلاً: “رغم فقداننا لمعداتنا وأدواتنا في الحرب، لم يدفعني ذلك للتراجع بل شجعني على استعادة طاقتي وإحياء تراث هذه المهنة التي تميز عائلتي”، مؤكداً أهمية الحفاظ على الفنون التقليدية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية.
وفي الختام، دعا الحلاق الجميع لزيارة جناحه في المعرض، إذ تنتظرهم قطع فنية تحمل حكايات ودروس الأجداد، وتؤكد أصالة التراث الدمشقي الحي، فما يقدمه أكثر من مجرد أعمال يدوية، إنه إرثٌ يُعيد للفن الحرفي مكانته في قلوب الناس.