الثورة – ميسون حداد:
تشكل نتائج الشهادة الثانوية في سوريا محطة مفصلية في حياة الطالب والأسرة معاً، إذ ترتبط بمشاعر القلق والترقب لارتباطها بالمستقبل الدراسي.
وبين انعكاسات الضغط الاجتماعي وطريقة تعامل الأهل، وحاجة الطالب للدعم النفسي، كان ل “الثورة” حوار مع الدكتور عدنان عبود، الأستاذ في جامعة دمشق، قسم الفلسفة، حول إمكانية تحويل تجربة نتائج البكالوريا، بتميزها وإخفاقاتها إلى فرصة، وكيف يمكن للطالب أن يرى قيمته وجهده بمعزل عن العلامة نفسها.
ومابين نتائج الشهادة الثانوية والضغط الاجتماعي، تتأثر نتائج الشهادة الثانوية بمجموعة من العوامل المتداخلة وبالتالي فهي لا تعكس مستوى الطالب العلمي بالضرورة.
فهناك حسب الدكتور عبود الجانب النفسي المرتبط بالقلق وضغط الامتحان والإرهاق، وهناك البعد الاجتماعي الذي يشمل ظروف العائلة والدعم أو الضغط الذي يعيشه الطالب، إضافة إلى تأثير الواقع الاقتصادي والمجتمعي العام، مبيناً أنه “لا يمكن النظر إلى النتيجة كمعيار وحيد لذكاء الطالب أو مستواه، بل يجب فهمها كحصيلة لجهد شخصي يتقاطع مع ظروف محيطية أوسع”.
وللمجتمع أيضاً، تأثير هام جداً، بدءاً بالأقارب وتوقعاتهم العالية والمقارنات التي قد تضغط الطالب وأهله، إلى الأصدقاء، فالنجاح أو الفشل بين الزملاء له آثاره النفسية.
وللمدرسة أيضاً دور مهم، في تشجيع المعلمين على الجهد والنمو الشخصي ما يحوّل النتائج إلى فرصة للتعلّم بدلاً من الحكم على القيمة.
وأوضح د. عبود أن المجتمع بشرائحه كافة شريك أساسي في دعم الطالب أو إحباطه، إذ عليه أن يخفف من ثقافة ربط القيمة بالعلامات فقط، وأن يُبرز أن النجاح له أشكال متعددة، وأكمل: “حين يقدّر المجتمع المواهب والقدرات المختلفة، يمنح الطلاب ثقة أكبر بأن لهم مكاناً وفرصاً للتميز والإبداع وإثبات الوجود مهما كانت نتائجهم الدراسية”.
دور الأهل في دعم الطالب
عندما يملك الأهل الوعي، يدركون أن قيمة ابنهم كشخص مستقلة عن علاماته الدراسية، فيحولون البوصلة إلى تقدير الجهد والإصرار، والمهارات الشخصية كالالتزام والإبداع والتفكير النقدي.
ومن المهم جداً برأي عبود ألا يربط الأهل الحب أو الرضا بالعلامة النهائية، ليشعر ابنهم بأنه محبوب ومقدّر بغض النظر عن النتائج.
فهذه رسائل بحسب دكتور الفلسفة تعزز ثقته بنفسه، وتساعده على النظر للمستقبل بإيجابية، بدل أن ينغلق على إحباط مؤقت.
وتأتي أهمية هذا الكلام بشكل خاص عندما تكون النتائج أقل من المتوقع، لابد للأهل من بالتهدئة والتفهم، والابتعاد عن ردود الأفعال كاللوم أو العقاب.
وهنا لابد من التنويه إلى أهمية التواصل الداخلي في الأسرة، فعندما يشعر الأبناء أن بإمكانهم التعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم بحرية، ومن دون إطلاق الأحكام، ينشأ مناخ من الثقة والأمان النفسي، خاصة بعد النتائج الامتحانية المحبطة.
لفهم الأسباب والتشجيع على التعلم من التجربة وتحويل الإخفاق إلى فرصة للنمو
ويتابع د. عبود: ” يتم ذلك بتشجيع الطالب على فهم ما نجح فيه وما يحتاج لتحسينه، مع الدعم بالحوار الإيجابي ووضع خطة لتطوير المهارات”.
إن أهم ما يحتاجه الطالب بعد صدور النتائج هو أن يتلقى رسائل تطمئنه بأن قيمته لا تُقاس بعلاماته، وأن مستقبله لا يتوقف عند هذه المرحلة.
تحديات ما بعد التحرير
ويختم د. عبود حديثه لل “الثورة” بالتذكير بالآثار النفسية السلبية على الطلاب وذويهم وأساتذتهم، والتي خلفتها الظروف التي مرت بها سوريا منذ عام 2011، حين أعلن النظام البائد حربه الإجرامية الشنيعة على الشعب السوري إلى تاريخ رحيله والتحرير.
فالطلاب وذووهم هم أبناء تلك المرحلة البائسة، والتي قد تدوم آثارها النفسية لزمن طويل، ما يتطلب من الأسرة والحكومة والمنظمات ذات الشأن، أن تعي ذلك وتعمل على رفع مستوى الوعي اللازم، وأن تقوم بمساعٍ جادة من خلال برامج تربوية توعوية لتجاوز تلك المشكلات الحادة التي يعاني من آثرها العديد من الطلاب.