الثورة – همسة زغيب:
تُعد مملكة إيبلا إحدى أبرز الممالك السورية القديمة التي ازدهرت في الألفية الثالثة قبل الميلاد، لتصبح مركزاً اقتصادياً وثقافياً وتجارياً بارزاً في تاريخ المنطقة، ووفقاً لما أوضحته الباحثة في الآثار حنان خشوف لصحيفة الثورة تقع أطلال إيبلا في تل مرديخ بمحافظة إدلب، على بُعد نحو 55 كيلو متر جنوب غرب مدينة حلب، ويُعد اكتشافها في سبعينيات القرن العشرين من أهم الاكتشافات التي أعادت تشكيل النظرة التاريخية للحضارات القديمة في الشرق الأدنى.
في عام 1968، قاد عالم الآثار الإيطالي باولو ماتتيه الحفريات التي كشفت عن موقع إيبلا، حيث تم العثور على مكتبة ضخمة تضم آلاف الألواح الطينية المكتوبة بخط إبلي خاص، وهو شكل مميز من الكتابة المسمارية.
وتُعتبر هذه المكتبة من أغنى المصادر التاريخية التي تسلط الضوء على جوانب الحياة الاقتصادية والإدارية والسياسية لتلك الحقبة.
تُشير الباحثة إلى أن إيبلا ازدهرت بشكل خاص خلال الفترة الممتدة بين عامي 2500 و1600 قبل الميلاد، فكانت مركزاً تجارياً حيوياً يربط بين حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر وساحل البحر الأبيض المتوسط، ما جعلها حلقة وصل رئيسية بشبكة التجارة والثقافة في المنطقة.
وبينت أنه على الرغم من هذا الازدهار، تعرضت إيبلا للدمار على يد الملك الأكادي نارام سين حوالي عام 2250 قبل الميلاد، مما أدى إلى اختفائها من السجلات التاريخية. إلا أن احتراق الألواح الطينية ساعد في حفظها لفترات طويلة، مما أتاح للعلماء فرصة دراستها واستخلاص معلومات قيّمة عن تاريخ الشرق الأدنى.
ولفتت إلى أنه تُعد إيبلا أول قوة عالمية مسجلة في التاريخ، وهو ما أعاد ترتيب المفاهيم التاريخية حول الدور الحضاري لسوريا القديمة في تشكيل الحضارات الكبرى.
كما أكدت الاكتشافات وجود لغة إبلاوية خاصة مكتوبة بالأحرف المسمارية، استُخدمت في نصوص اقتصادية وإدارية عديدة ضمن المكتبة الملكية.
تظل إيبلا رمزاً للحضارة السورية العريقة، ونقطة تحوّل هامة في تاريخ الشرق الأدنى القديم، إذ تُثبت أن المنطقة كانت مهداً لحضارات عالمية متعددة لم تحظَ بالدراسة الكافية سابقاً.