الثورة – عبير علي:
في عالم سريع التغير، تظل حرفة النسج على النول اليدوي رمزاً للإبداع والمهارة، تحمل بين خيوطها تاريخاً عريقاً وثقافة غنية، وتُعد جزءاً مهماً من تراث مدينة حماة، وتروي الأنسجة والألوان قصصاً مليئة بالتفاصيل عبر الزمن.
“إنها مهنة غير موجودة في أي مكان آخر سوى في محافظة حماة”، بهذه الكلمات بدأ الحرفي المخضرم محسن محمد شفيق الدبيك حديثه لصحيفة الثورة، وهو الذي أمضى أكثر من 45 عاماً يجسد روح هذه الصناعة العريقة، وعلى الرغم من التهديد الذي تواجهه هذه الحرفة باقترابها من الاندثار بسبب الاحتياجات المتزايدة للوقت والجهد، فإنه يواصل عمله بشغف.
يقول الدبيك: طوّرت مراحل العمل على النول، وأدخلت خيوط الحرير بجانب الخيوط القطنية الطبيعية، بالإضافة إلى التطريز وتصميم الموديل”، وتشمل أعماله المتنوعة “البرانص، المناشف، الباشكير، مناشف المبرد لحمامات السوق، مناشف الحرير المطرزة يدوياً بالإبرة بخيوط الحرير”.
ويؤكد على أهمية التجديد في أعماله، وقال: حدّثت المهنة عبر تصميم عباءات وكلابيات نسائية من الحرير، ويذكر أنه في عام 1950 كان هناك نحو 3500 نول في محافظة حماة، لكن للأسف اليوم لم يتبقَ سوى نولين.
رغم جميع التحديات، يظل الدبيك متمسكاً بأمله، مشدداً على أهمية الاستمرار في هذه الصناعة، ويقول: “أعمل بجد كي لا تنقرض هذه المهنة”، وكان له حضور بارز في المعارض، بما في ذلك معرض دمشق الدولي 62 ومهرجان الربيع في حماة.
تعكس قصص النول اليدوي في حماة التراث الغني الذي يحتفظ بجمالياته الخاصة رغم التحديات المتزايدة، ومع استمرار جهود الحرفيين، مثل الدبيك في إحياء هذه الحرفة، تظل آمال المستقبل مرتبطة بمثابرتهم وحرصهم على الحفاظ على هذا التراث القيم، الذي يربط بين الماضي والحاضر ويضيء الطريق للأجيال القادمة.