كل ما هو عميق يحبّ القناع

الثورة – لميس علي:

غالباً.. القناع الذي ذكره نيتشه يأتي على سبيل كونه رمزياً، فالظهور العلني والمجاهرة بالأشياء يسطّحان الحقيقة، فيما “الغموض والرمزية” يحافظان على جوهر المعنى وعمقه.

هل يمكن أن يكون القناع أداة توازن بين الذات والآخرين؟ وأيضاً حالة حماية لخصوصية أشيائنا “العميقة”: مشاعرنا، أفكارنا، صراعاتنا.. كلّها تحمل هشاشتها.. ولهذا يحتاج عمقها إلى غطاء أو وسيلة حماية، يعني إلى قناع.. بما يعنيه من أداة للتخفّي ولجعل الإنسان لا مرئياً.

ولكن بين أن تكون متخفياً أو أن تكون لا مرئياً، فرقٌ واضح.

“التخفّي” يحمل معنى إيجابياً لصاحبه لأنه يوحي بأن المرء اختاره ومارسه من تلقاء نفسه، تماماً كما يحدث في الكثير من الحسابات الوهمية التي يقوم البعض بإنشائها على مواقع التواصل رغبةً بمراقبة الآخرين والبقاء دون لحظ هويتهم الحقيقية.

فيما في حالة “اللا مرئي” فغالباً ليست خياراً للإنسان لأن الآخر يمارسها نحوه، فأن تكون لا مرئياً ليس شيئاً تقرره، إنما واقع حال.. وهو أقرب لجعل الإنسان غير ذي أهمية، كأنه غير موجود.

مع أن البعض يلمح الجانب الإيجابي من “اللا مرئية” وكأنها تتماشى وإيجابية التخفّي، بالنسبة لمن يمارس هذا السلوك.

الروائي الإنجليزي هربرت جورج ويلز في روايته “الرجل اللا مرئي” تنبّه لكون “اللا مرئية” نعمة ونقمة في آن واحد.. وهنا تظهر ازدواجية القناع بكونه أداة للتخفي أو لممارسة “اللا مرئية”.

وبغض النظر عن موضوع ” القناع/الماسك” ثمة تبادلية في فهم معنى الحالين ما بين “الأنا”و”الآخر”، ففيما يبدو “التخفّي” فعلاً إيجابياً لمن يقوم به لربما كان النقيض بالنسبة للآخر، والعكس صحيح بما يخص “اللا مرئية” التي هي نقمة لمن تُمارس عليه، وبالآن عينه هي مُريحة وحلّ لمن يمارسها، أي الطرف الذي يتجاهل ويقرر عدم رؤية الآخرين.

هكذا.. يضمحل دور القناع، لأن “اللا رؤية” مقصودة لتغدو فعلاً عن سابق القصد، فعدم رؤيتي للآخر، تجعل منه لا مرئياً.

والسؤال: هل أحتاج قناعاً حتى أمارس هذه “اللا رؤية”؟ وكأننا أضفنا دوراً آخر للقناع، ليس بمعنى التخفّي هذه المرة، إنما بمعنى حماية “العمق” وهو ما يعيدنا إلى معنى الشيء “العميق” الذي أراد نيتشه حمايته”، فكل الأشياء العظيمة يجب أن ترتدي أقنعة” وكأن معنى “العظيم” و”العميق” و”السرّي” تتقاطع كلّها تحت ظلال القناع.

هل يعني ذلك أن للقناع وظيفة ذكية ومرنة، كأن يكون أداة يستخدمها المرء لإدارة نفسه ولحماية أعماقه الداخلية من الانكشاف؟.

مع مرور الوقت، تفرز “الذات” آلية حماية فطرية، وبالتالي تصبح لدينا طبقات أو ذوات متعددة لأصل ذات واحدة ترتدي أقنعتها بكل كياسة، بحسب الموقف والآخرين.

هكذا يبقى جوهرنا متماسكاً بينما نتحرك في عالم متغيرٍ قائمٍ على المراقبة والتقييم، عندها تتحوّل الأقنعة من مجرد وسيلة إخفاء إلى فن دقيق للموازنة بين الذات والآخرين.

آخر الأخبار
المستلزمات بالتقسيط وحسب الأولوية..  من نصف مليون إلى 700 ألف ليرة تكلفة الطالب من أرض الفلاح يبدأ التعافي السوريون يصنعون نموذجاً اقتصادياً جديداً بالصمود والتكافل المجتمعي محافظ إدلب يستقبل وزير الدفاع لبحث إزالة الألغام وتأمين عودة الأهالي ريف إدلب يتهيأ للعام الدراسي الجديد بحملات تأهيل ومتابعات ميدانية واسعة اتفاق سياسي أميركي - سوري: لإلغاء قانون قيصر وفق شروط محددة تحطيب مستمر وقرارات بلا تنفيذ.. منبج في مرمى التصحر العودة إلى المدارس.. غلاء ينهك الأهالي والتعليم يتحول إلى عبء "تقنيات التعلم الفعال".. تحصيل حياتي أفضل تشريعات الاغتصاب .. صرامة في النص تساهل في التطبيق ثلاثية بيضاء لميلان في الكالتشيو طرح الدوري الممتاز وكأس الجمهورية للبيع.. فمن يشتري؟ دمشق وواشنطن .. نحو بناء علاقات راسخة تحاكي المصالح المشتركة مزارعو الغاب بين قسوة الجفاف ونيران الحرائق  وقفة احتجاجية تطالب بإسقاط المرسوم 66 .. أصحاب الحقوق: أكبر جريمة نهب عقاري في تاريخ دمشق السياسة الخارجية السورية التفاعلية... نقطة على السطر الشيباني.. واختبار جدية التأثير الأميركي على "قسد" صفحة جديدة في مسار العلاقات السورية-الأميركية الزبداني .. تعيد النور إلى فصول مدارسها 30 مدرسة بريف دمشق تتحضر لاستقبال طلابها