الثورة – وفاء فرج:
حالة من الإيجابية والتناغم لدى صاحب القرار مع التطورات الاقتصادية التي باتت تتطلب أكثر من أي وقت الجدية، وهذا ما شكّله توجيه الرئاسة السورية بمراجعة كل مذكرات التفاهم الاستثمارية الموقعة، التي لم يتم البدء بإجراءاتها التنفيذية لغاية 13-9-2025، وما نصّ عليه المرسوم بإلغائها، أمرهام في هذه المرحلة.
فكيف ينظر المهتمون بالشأن الاقتصادي والاستثماري لهذا القرار؟
أمين سرّغرفة صناعة حمص والباحث الاقتصادي عصام تيزيني، يرى أن المطلوب المتابعة، إضافة إلى أن ذلك أمر بديهي، ويجب أن يكون بشكل روتيني، خاصة أن كل اتفاقية لها ظروفها، وعملياً يجب مراجعة الجميع وبجانب أساسي مدى الجدية والاهتمام من قبل الموقع على الاتفاقية بتنفيذها، مبيناً أنه أمر طبيعي وليس تشفياً.
واعتبر تيزيني أن الاتفاقيات لم تكن حبراً على ورق، وإنما كانت جدية، وخاصة الاتفاقيات التي وقعت برعاية السيد رئيس الجمهورية، وربما كان التأخر لأسباب خارجة عن إرادة الموقعين، غير أنه يتطلب المراجعة لمعرفة جدية التنفيذ، منوهاً بأن الوضع الحالي في سوريا مشجع للاستثمار وبقوة، ولا يوجد ما يمنع، وتعمل الحكومة على توفير كل المتطلبات اللازمة للاستثمار حسب الأولويات، وهناك خطوات جدية لرفع العقوبات وانفتاح كبيرعلى الدول العربية.
التفاهم حسن نوايا
مديرغرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي يرى أن من تسميتها تفاهم، والتفاهم مجرد حسن النوايا من الطرفين بالبدء بإجراءات عمل اقتصادي واستثماري معين، مبيناً أنه قد لا يستكمل أحد الأطراف الاجراءات، وبالتالي يعتبر مستنكفاً، وبالتالي المذكرة ليست اتفاقاً مبرماً وعقداً مباشراً، وإن هناك اختلافاً بين عقد المباشرة بعمل استثماري معين و بين مذكرة تفاهم، معتبراً أن الأخيرة عبارة عن نوايا لإجراء عمل مستقبلي قد يحدث أو لا يحدث لأسباب تتعلق أحياناً بإجراءات وأمور معينة.
وبين أن القرار الرئاسي بدراسة بعض المذكرات جاءت نتيجة عدم الجدية بالشكل الكافي وتحتاج إلى إعادة نظر، معتقداً أن الأمر عبارة عن فرص استثمارية جيدة جداً وتحتاج إلى أشخاص جديين في العمل، لافتاً إلى أن الاستثمارات القادمة واضحة أنها ستستفاد من أجواء الاستثمار في سوريا، سواء مع القطاع الخاص أم مع الحكومة، معتبراً أن الاستثمار يحتاج الى مناخ ومزايا وفرص، ومتوفرة حالياً، مع إنهاء ملف العقوبات بالكامل، والبدء بوضع خارطة استثمارية لسوريا الجديدة.
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية محمد بكر، أكد ضرورة مراجعة الاتفاقيات والتفاهمات، والتأكد من جديتها ومن الوضع القانوني للشركات المتعاقد معها، والسؤال.. إن كانت شركات حقيقية أم وهمية، ومن أصحاب هذه الشركات وخلفيتهم؟ مبيناً أن الأهم عدم توقيع أي مذكرة تفاهم قبل تكليف جهة لإعداد دراسة عن الشركة المتقدمة للمشروع، وضرورة إيداع مبلغ تأمين أو كفالة مصرفية يعادل بالحد الأدنى 20 بالمئة من قيمة المشروع لضمان جدية الشركة المستثمرة.
وأوضح أنه قبل جذب المستثمرين العرب والأجانب من باب الأولى إعادة الصناعيين السوريين للاستثمار في سوريا، مشيراً إلى أن الوضع الحالي في سوريا لا يناسب أبداً لجذب الاستثمار، ولا يشجع على ضخ أي أموال استثمارية في السوق السورية، ولا تتوفرأي مقومات ومتطلبات للاستثمار.
جذب الاستثمار
واقترح بكر لجذب وتشجيع المستثمرين، تحقيق استقرار سياسي وأمني، واستقرار اقتصادي وخاصة استقرار أسعار الصرف، بالإضافة إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطن السوري، وتوفير حوامل الطاقة، وخاصة الكهرباء والبنى التحتية، وخاصة الانترنت 6G، تطوير وتحديث النظام المصرفي، وتفعيل “السويفت”، وتسهيل دخول وخروج الأموال واعتماد الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى تسهيل عودة الخبرات الفنية وأصحاب المهن من المهجر، وإنشاء محاكم مختصة لمعالجة قضايا الاستثمار والمستثمرين، وتخفيف الروتين وتسهيل إجراءات ترخيص، وإحداث الشركات من خلال نافذة واحدة، إضافة إلى دعم وحماية الصناعة المحلية وإعطائها ميزة نسبية عند مقارنتها بالعروض الخارجية.
إعلان نوايا
بدوره الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش قال: من حيث المبدأ يجب التنويه إلى أن معظم ما تم توقيعه في مجال الاستثمار بعد التحرير، لم يكن أكثر من مذكرات تفاهم، وقد نبهنا وقتها إلى أن مذكرات التفاهم هي إعلان نوايا لا أكثر ولا يترتب عليها أي التزامات بين أطرافها، وأشرنا إلى ضرورة عدم رفع سقف التوقعات والآمال والتي وصلت حدود المبالغة المفرطة ولاسيما لجهة فرص العمل.
وأوضح أنه كانت هناك ملاحظات على بعض تلك التفاهمات تتعلق بطبيعة قطاعاتها الاستثمارية المستهدفة ومدى أولويتها التنموية، لافتاً إلى أن وزير الاقتصاد كان قد أشار إلى تسلل بعض المشاريع الوهمية.
تقييم جدي
وأشار د. عياش إلى أن اليوم وبعد مضي زمن كافٍ على توقيع تلك التفاهمات، أصبح بالإمكان تقييم مدى جدية الأطراف في تلك التفاهمات، وأصبح لزاماً على الحكومة إعادة تقييمها والتأكد من جديتها، وهذا يساعد على تعزيز الثقة عند المستثمرين الخارجيين ويحافظ على الفرص الاستثمارية المتاحة، ويؤكد على مصداقية الحكومة ومسؤوليتها تجاه المجتمع.
ولفت إلى أنه هذا ما وجهت إليه فعلاً رئاسة الجمهورية، إلا أنه من جانب آخر، لا بد من التنويه إلى أهمية الدراسة المتأنية والموضوعية للاستثمارات المطروحة ومدى توفر ظروف المساعدة على البدء في تنفيذ تلك التفاهمات، فمازالت البيئة الاستثمارية المحلية بحاجة للكثير من الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والمؤسسات، وكذلك للإصلاح والتطوير البنيوي والتشريعي، أي ضرورة التأكد من الجدارة والجدية، ومن ثم مدى توفر الإمكانات الفنية والمالية والتقنية اللازمة لتنفيذ تلك الاستثمارات مع مراعاة مدى توفر البيئة المناسبة للتنفيذ.