الثورة – ميسون حداد:
لم يقف أمام طموحها الصورة النمطية للفتاة ولا بُعد المسافات، كحلا الأسعد، شابة من السقيلبية تبلغ الثانية والعشرين من عمرها، استطاعت أن تحول شغفها بقيادة الدراجة النارية إلى وسيلة لخدمة أهل قريتها.
كانت كحلا تدرس هندسة البرمجيات، وتوقفت في السنة الأخيرة قبل التخرج، وبعد تحقيق حلمها بشراء دراجة نارية، فكرت في تحويل شغفها إلى مشروع يدعم وضعها الاقتصادي ويخدم أهل بلدتها.
ومع الوقت، تحولت الفكرة من وسيلة نقل شخصية، إلى تقديم خدمات اجتماعية، بعد أن لاحظت أنّ كثيراً من الفتيات يواجهن صعوبة بالذهاب إلى السوق، فبدأت بتوصيل الاحتياجات إلى المنازل.
تحديات العمل
تقبّلت عائلة كحلا الفكرة بشكل سلس من دون أن يرفعوا سقف توقعاتهم أن تحظى مبادرتها بهذا الاهتمام، وبالنسبة للمجتمع المحلي، فقد تفاجأت بالدعم الذي تلقته بصورة لافتة.
وتضيف كحلا مع ابتسامتها المعهودة: “وقف جميع أهالي قريتي إلى جانبي، وهذا دعم لن أنساه ما حييت”، ومع مرور الوقت، بات عملها مشهداً مألوفاً في القرية، حتى التحقت بها فتاتان أخريات للعمل بالطريقة نفسها.
ومع بدء المشوار بدأت تظهر العقبات، فظهرت الأعطال المفاجئة في الدراجة، وتكاليف الإصلاح، إضافة لصعوبة الانتظار مع الازدحام في الطرقات، وخاصة عندما يترافق مع كثرة الطلبات في اليوم نفسه، ومع ذلك تصرّ كحلا على المضي في الطريق الذي خطته، ولفتت إلى أن راحة الناس تستحق كل هذا العناء، خصوصاً الفتيات اللواتي أحببن الخصوصية دون التعامل مع الغرباء لتلبية الاحتياجات.
مشاريع مستقبلية
لا تقف طموحات كحلا عند هذا الحد، فهي تفكر بإنشاء مكتب لتنظيم الطلبات وتنسيق العمل، بل وربما شراء سيارة لاستخدامها في فصل الشتاء، على الرغم من أن هذه الخطط تحتاج إلى إمكانيات مالية إضافية.
وإلى جانب عملها، تشارك مع جمعية “أخوية البركة” في توزيع الطعام على العائلات المحتاجة، وتصف سعادتها في تلك اللحظات: عندما أسمع دعاء الناس لي عند فتح أبوابهم، أشعر أن الدنيا بأسرها لا تتسع لفرحتي.
وفي رسالة للفتيات، تقول كحلا: لا تهتمي كثيراً لكلام الناس، يكفي أن تكون الفتاة مرتاحة وسعيدة بما تقوم به، خاصة إذا كان عملها يخدم الآخرين.
وتضيف: إن أجمل ما في تجربتها هو إحساسها أنها أصبحت جزءاً من كل بيت في قريتها فما من باب طرقته إلا ورحبوا بها وكأنها من أفراد العائلة.