الثورة – جاك وهبه :
أعلنت وزارة المالية في بيان رسمي لها عن إنجاز مسودة قانون الضريبة على المبيعات الجديد، مؤكدة أن هذا المشروع يمثل محطة مهمة في مسار الإصلاح الضريبي في سوريا، ويشكّل خطوة أساسية للتمهيد للانتقال إلى ضريبة القيمة المضافة خلال المراحل المقبلة.
وأكدت الوزارة أن هذا التوجه يأتي في إطار ترسيخ مبدأ الشفافية والتشاور مع مختلف الأطراف المعنية، مشيرة إلى أنها فتحت باب تلقي الملاحظات والمقترحات حول مشروع القانون عبر آلية التشاور العام (Public Consultation) لمدة 21 يوماً تنتهي في الخامس عشر من تشرين الأول 2025، وذلك عبر البريد الإلكتروني المخصص: Public.consult@mof.gov.sy.
إلغاء رسم الإنفاق
وأوضحت وزارة المالية أن مشروع القانون الجديد يتميز بعدد من الجوانب التي تعكس طابعه العصري والحديث، حيث تم بموجبه إلغاء رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي طُبّق في سورية منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، واستبداله بضريبة المبيعات كإطار ضريبي أكثر مرونة وملاءمة لمتطلبات المرحلة الحالية.
وأشار البيان إلى أن نسب الضريبة المقترحة في القانون تُعد من الأدنى على مستوى المنطقة والعالم، وهو ما يعزز تنافسية الاقتصاد السوري، ويحد من الأعباء الضريبية المترتبة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
كما تضمن المشروع تبسيطاً ملحوظاً في الإجراءات، من خلال اعتماد ضريبة عامة على السلع بنسبة واحدة معتدلة، وفق جداول محددة وبسيطة وواضحة، مع آليات وإجراءات سهلة التطبيق، بعيداً عن التعقيدات التي كانت تفرضها الأنظمة السابقة.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
ومن أبرز ما تضمنه مشروع القانون الجديد فرض ضريبة خاصة على بعض السلع الكمالية، بما يسهم في ترشيد الإنفاق باتجاه السلع والخدمات الأكثر نفعاً للمجتمع، إضافة إلى اعتماد ضريبة على بعض الخدمات بشكل متفاوت بحسب أثرها الاجتماعي، وفي المقابل، أكدت الوزارة أن المواد الغذائية الأساسية وعدداً من القطاعات الحيوية لن تكون مشمولة بالضريبة، مراعاةً للبعد الاجتماعي وحمايةً للفئات محدودة الدخل.
وشدد البيان على أن البعد الاقتصادي قد حظي بحيز واسع من المشروع، حيث نصّ على فرض ضريبة صفر على الصادرات السورية، بما يعزز القدرة التنافسية للصناعات الوطنية في الأسواق العالمية، كما حدد القانون حداً أدنى للتكليف يتناسب مع طبيعة الأنشطة الاقتصادية، بما يضمن العدالة الضريبية ويحمي المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأكدت وزارة المالية أن القانون الجديد يهدف إلى إرساء الثقة بين المكلفين والإدارة الضريبية، من خلال اعتماد نظام العينات في التدقيق، ومنح المكلفين فرصة لتعديل وتصحيح الإقرارات الضريبية الخاصة بهم، كما أتاح المشروع حق الاعتراض أمام الجهات المختصة، مع اعتماد محاكم ضريبية خاصة ومحايدة للفصل في النزاعات، بما يعزز مبدأ العدالة الضريبية ويكرس الثقة المتبادلة بين الدولة والمواطن.
وشددت الوزارة على أن القانون الجديد يشجع الامتثال الطوعي للضرائب عبر بيئة ضريبية محفزة وبعيدة عن التعقيد، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تحسين العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية ويزيد من كفاءة التحصيل.
تشجيع الصادرات
وفي خطوة اعتبرتها الوزارة داعمة للقطاع الخاص، أعلن البيان عن تخصيص نحو ربع حصيلة الضريبة العامة على المبيعات لدعم الصناعة السورية وتشجيع الصادرات الوطنية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع وزارتي الاقتصاد والصناعة، وأكدت الوزارة أن هذه الخطوة ستعزز تنافسية المنتجات السورية في الأسواق الخارجية وتساهم في زيادة حصيلة الصادرات، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
واختتمت وزارة المالية بيانها بالتأكيد على أن الإصلاحات الضريبية الجديدة، وفي مقدمتها مشروع قانون الضريبة على المبيعات، تعكس توجهها نحو التحول من “وزارة جباية” إلى “وزارة تنمية وبناء وشراكة”، مشيرة إلى أن هذه الرؤية تهدف إلى جعل النظام الضريبي أداةً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا مجرد وسيلة للتحصيل.
كما وجّهت الوزارة شكرها إلى أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد المشروع، مثمنة جهودهم المتواصلة في صياغة هذا القانون الذي يُنتظر أن يشكل نقلة نوعية في السياسة المالية والضريبية في سوريا.