بات موسم المطر على بعد خطوات ليطرق أبواب دمشق من جديد، لكن ما زالت البنية الخدمية تقف خلف الأبواب المغلقة، كأنها تترقب الحدث لا تتهيأ له، فالحفر القديمة التي اعتاد المواطنون تفاديها حفظاً للمسار ما زالت في أماكنها، وكأنها جزء من معالم المدينة ومصارف المياه المغلقة منذ العام الماضي لم تفتح بعد، والتنسيق بين الجهات المعنية ما زال قيد المحاولة في الوقت الضائع.
اللافت أن هطول الأمطار ليس هو المشكلة الحقيقية، بل ذاك الإهمال الموسمي الذي يتكرر كل عام وكأننا لا نتعلم من المواسم السابقة، فتتحرك دوائر الخدمات عادة بعد أول شارع غارق، وتتحول ورشات الإصلاح إلى مشهد يومي بعد أن تحصل المشكلة وليس قبلها، فيما كان بالإمكان منع الكثير بتخطيط بسيط وجدولة واقعية تبدأ مع نهاية الشتاء لا في بدايته.
وفي كل مرة يسأل فيها المسؤولون عن الإجراءات الاستباقية، تأتي الإجابات محملة بالوعود والدراسات، لكن الشارع لا يعيش على الدراسات، بل على التنفيذ، فالمواطن لا ينتظر شرحاً عن الميزانيات ولا مبررات لتأخر الورش، بل يريد طريقاً لا يغرق، ومصرفاً لا يفيض، ومساءلة حقيقية عن كل تقصير متراكم.
اليوم لم تعد المشكلة في قِصر الوقت المتبقي قبل هطول المطر، بل في اتساع فجوة الثقة بين المواطنين والجهات المعنية، فهل يعقل أن تكون المفاجأة الوحيدة في كل شتاء أننا لم نكن مستعدين؟ أم إن الصورة ستتغير عن سابقاتها في الأعوام الماضية؟!.