الثورة- منذر عيد
يكتسب الخطاب السياسي في المنابر الدولية، ولاسيما في الأمم المتحدة، أهمية استثنائية بوصفه أداة لإعادة تشكيل الصورة الذهنية للدول وإعادة تعريف أدوارها في النظام الدولي، ومنذ سقوط نظام بشار الأسد وما تلاه من تغيرات بنيوية، أصبحت سوريا أمام لحظة إعادة صياغة هويتها السياسية، داخلياً وخارجياً، وقد كان لحضورها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين، بعد 58 عاماً من الانقطاع أهمية كبرى، لجهة إعلان رؤيتها السياسية أمام العالم وتأكيد دورها الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق عكس خطاب الرئيس أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغبة الحكومة الجديدة في إعادة تعريف صورة سوريا أمام المجتمع الدولي، من دولة مرتبطة بالانقسامات والأزمات المستمرة، إلى نموذج سياسي يستند على الشرعية الشعبية والدستورية، وإرسال رسالة واضحة بأن سوريا لم تعد عبئاً على النظام الإقليمي والعالمي، بل شريكاً في صياغة الحلول للأزمات.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى النعيمي أوضح في تصريح لـ”الثورة” أن حديث الرئيس الشرع في الأمم المتحدة كان واضحاً، لجهة إننا مقبلون على مرحلة من الاستقرار والبناء والازدهار والتطوير، بدلالة واضحة على حجم الإدراك لأهمية هذه المرحلة وأهمية موقع سوريا ضمن المنظومة الدولية وانتقالها من مرحله المتأثرة إيرانياً إلى المؤثرة دولياً، وذلك من خلال شراكاتها في جولات حوارية لمعالجة القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكد عودة سوريا إلى مكانتها المرموقة ضمن المنظومة العربية والدولية.
من المؤكد أن موقع سوريا الجيوسياسي يمنحها أهمية أساسية في تشكيل الأحداث الإقليمية والعلاقات الدولية، ويعزز من قدرتها على التأثير وأداء دور محوري في منطقة الشرق الأوسط، وعليه يقول النعيمي: إن منطلقات المرحلة الحالية والقادمة تأتي في سياق تعزيز الاستقرار بمنطقه الشرق الأوسط عموماً والمنطقة العربية خصوصاً، لاسيما وأنها أصبحت تمثل الخزان النفطي للعالم، وبالتالي استقرار منطقه الشرق الأوسط سينعكس إيجاباً على العالم أجمع، وسوريا تتمتع بموقع جيوسياسي فرضته من خلال قدرتها في الدبلوماسية الرصينة المتوازنة لكسب مزيد من الأوراق لمصلحتها على المستوى الدولي.
وفي هذه المرحلة استثمرت القيادة السورية بنجاح كبير ميزات الموقع الجيوسياسي، وأدركت مدى أهمية الاستقرار المحلي والإقليمي والدولي وعملت على بناء شراكات بدأت بالتكتيكية وانتقلت إلى الاستراتيجية مع باقي المنظومة الدولية، وذلك من أجل التنمية والتطوير والازدهار والاستقرار الشامل في سوريا.
يمكن قراءة خطاب الرئيس الشرع بوصفه إعلاناً استراتيجياً عن ولادة سوريا جديدة، تحاول تجاوز ماضيها المرتبط بالأزمات والانقسامات لتصبح فاعلاً إيجابياً في محيطها والعالم، وإن البلاد رغم التحديات، تسير نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.