عن حكي غير مُعلن.. في مختبرات “الذات”

الثورة – لميس علي:

تكتب الروائية والسيناريست الأميركية “جوان ديديون” ملاحظتها: “دفترك لن يفيدني، ولا دفتري سيفيدك”.تتغلف هذه العبارة بالكثير من طبقات المعنى، وبحسب السياق المُراد لها يمكن استخلاص غايتها.

فعل الكتابة للذات في دفتر اليوميات، فعلٌ شديد الخصوصية، تتلخص فيه عبر نثريات أفكارنا، زاوية رؤيتنا للعالم، ولهذا يمكن أن يكون هذا الفعل الذي نمارس بمقاييس حميمية عالية مع ذواتنا، مفتاحاً لفك شيفرة عوالمنا الداخلية، تحديداً للذات صاحبة الدفتر دوناً عن غيرها. الكتابة بهذا المعنى مرآة شخصية لن تعكس ملامح غير صاحبها.كتاباتٌ لا تخرج إلى العلن، ما فائدتها؟فيها سرّ ينمّي الذات ويدعم تطورها بعيداً عن فضولية الآخرين.

وربما كان سحر هذا النوع من الكتابة حتى لو لم تظهر خارج إطار دفتر مكتوبٍ بخطّ اليد يحتوي الكثير من الخصوصية، أنها ترعى تطور ونمو تلك الكتابة التي تخرج إلى العلن، بمعنى أنها تساهم بخلق الأفكار وتشكّلها.من خلال حكي غير مُعلن، تدور الكثير من تفاصيلنا الداخلية، هلوسات أوجاعنا، مخاوفنا، حساسيتنا تجاه الأشياء، تخزّن جميعها في كتابات فيها شيءٌ من ذاكرتنا وحواراتنا الضمنية، وكأننا نُعيد ترتيب حياتنا عبر تلك الحوارات المصاغة بواسطة كلمات كُتبت بتشغيل معظم حواسنا، ولهذا تبدو وكأنها صياغة لفوضانا، فنلتقط ما كان عابراً ونحوّله إلى معنى.

هل يساعد هذا النوع من “الحكي غير المُعلن”، “الفضفضة على الورق”، على إنتاج أنفسنا يومياً بطريقة تساعدنا أكثر في فهم مشاعرنا، أفعالنا، وذواتنا عموماً؟.عبارة “ديديون” فيها اعتراف ضمني، أن لكل إنسان طقوسه الخاصة، حتى لو لم تكن الكتابة غير المُعلنة واحدة منها، ومن خلال تلك الطقوس يبقى متماسكاً في مواجهة الزمن.لكن مع ذلك، يبقى “للحكي” على أوراقنا البيضاء، خصوصية تساهم بخلق ميزة تنشيط تلك المكنونات غير الظاهرة من ذواتنا وربما خلق سمات وميّزات غير مدركة دون تفعيل عملية “الكتابة”.مع أنها تنشغل أحياناً بما يمكن أن نطلق عليه الإغراق بتفاصيل يومية حميمية وشديدة الخصوصية، بما يعنيه من إضفاء شيء من التميز الدائم، وكأننا نكتشف نسخة متجددة من أنفسنا كل يوم حتى لو بدت التفاصيل عادية أو هامشية.

يمكن للدفتر أن يتحوّر إلى مختلف التجارب الشخصية التي تميّز شخص عن آخر.وفق ذلك، كلّ واحد منّا لديه مختبره وأدواته الخاصة لإعادة إنتاج ذاته.فالأزمات أو الخسارات، تحدّيات الحياة عموماً، هي التي تجبرنا من دون خيار على أن نقوم بإعداد صياغة جديدة لمجمل حياتنا.وعلى طريق “ديديون”، فإن الكتابة أكانت مُعلنة أم غير معلنة، هي طريقة لإعادة ترتيب الأشياء من حولنا، كلّ بطريقته الخاصة وبصمة تجربته وحدَه.تقول في مقالٍ جاء بعنوان “لماذا أكتب”: “أكتب فقط لأكتشف ما الذي أفكر به، وما الذي أنظر إليه، وما الذي أراه، وما الذي يعنيه ذلك. ما أريده وما أخشاه”.بهذه الطريقة تتحوّل الكتابة وسيلة ليس لإعادة ترتيب الأشياء من حولنا مقدار ما هي لإعادة ترتيب عوالمنا الداخلية، لفهمها كخطوة أولى لفهم ما هو كائن حولنا، ولهذا نقوم بتجديد الذات في مختبر “الكتابة”.

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة