الثورة – ناديا سعود:
في ظلّ التحولات التي يشهدها المشهد السياسي السوري بعد سقوط النظام البائد وأجهزته الأمنية، تبرز تحديات كبرى أمام الاستحقاقات الانتخابية وصياغة الحياة البرلمانية الجديدة.
وفي هذا السياق تحدث الأكاديمي والمحامي السوري زهير مارديني- الحائز على جائزة مبادرة ماريان العالمية لعام 2024 من رئاسة الجمهورية الفرنسية- لـ”الثورة” حول انتخابات مجلس الشعب وأهمية مشاركة العنصر النسائي فيها، مؤكداً أن المرأة يجب أن تكون في الصدارة.
صنو الرجال
وقال مارديني: أنا كمحامٍ مشارك في الثورة، لا يمكنني إلا أن أضع المرأة في صدارة المجلس النيابي، كيف لا وقد لاقت أمهاتنا وأخواتنا لوعة الفقد والتهجير.. هموم أرامل الحرب، ومربيات الأيتام، وزوجات وأمهات المعتقلين، يعانين من الجراح العميقة التي يجب أن تُبلسم بتكريمهنّ بنسبة تفوق المذكورة، كما يجب ألا ننسى صاحبات الكفاءة منهن لصنع التشريعات والمشاركة بإدارة دفة البلاد صنو الرجال، المسألة ليست تقدماً أو تراجعاً مقارنة مع مجالس النظام البائد، وإنما بالتغيير الجذري للمُنطلقات التي نفكرمنها والظروف الموضوعية التي تغيّرت بعد سقوط منظومة البعث والمخابرات.
وحول إجراءات قبول المرشحين ومدى شفافيتها، رأى مارديني أن الانتخاب بالطريقة غير المباشرة هو الأنسب في المرحلة الانتقالية الحالية، مضيفاً: منذ فترة زرت سوريا وقيّمت الوضع الراهن الذي يتعذّر معه إجراء انتخابات مباشرة، نظراً لعدم وجود الاستتباب الأمني اللازم، فضلاً عن بقاء وتنفّذ بُنى الاستبداد الاقتصادية الحليفة للنظام البائد، والتي مازالت تستعد للانقضاض على أي فرصة دخول إلى دائرة السلطة مجدداً مستخدمة ما اكتنزته من أموال غير مشروعة لبناء منظومة فساد جديدة، لذلك كان للهيئة العليا للانتخابات حصرية اختيار الهيئات الناخبة التي سينبثق عنها المجلس الثوري التشريعي الأول بعد سقوط نظام الأسد الاستبدادي.
وتابع: هذه الظروف القاهرة تجعلنا نغض الطرف عن هفوات ومحسوبيات يمكن فهمها وتبريرها على مضض ضمن هذا السياق العام، لكنني متفائل بالثلث الرئاسي الذي آمل أن ينصف شخصيات وطنية ومهنية نأت بنفسها عن المزاودات، وربما تعففت عن الترشح..
وبرأيي، على الرئيس أحمد الشرع أن يختارهم من التكنوقراط حصراً لاستكمال أي نقص في الخبرات والكفاءات.
تكليف وخدمة
وأوضح مارديني، أنه خلال الحملة الانتخابية لم يدخر جهداً في دعم المرشحات والمرشحين الذين يؤمن بنزاهتهم وثوريتهم، مضيفاً: وظيفة النائب التأثروالتأثير بمحيطه الانتخابي، تكليف وخدمة لبني وطنه، وليس تشريفاً شخصياً، لكنني قرأت بعض الاعتراضات على استبعاد شخصيات ثورية لأسباب التوزع الجغرافي والاختصاص العلمي، وكان يلزمنا الحد الأقصى من الشفافية في أي قرار.
وأشارإلى أنه عند زيارته لسوريا، وفي ذكرى مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق الأولى بعد سقوط النظام البائد، طالب من على منبر الإخبارية السورية بدورأكبر لنقابة المحامين في انتخابات مجلس الشعب، مضيفاً: وصلني أن المقترحات التي قدمتها أُخذت بعين الاعتبار، ولم يمض وقت طويل حتى كُلّف نقيب المحامين بندب عدد من المحامين لمراقبة حسن سير الانتخابات، وأعتبر أن إشراك منظمات المجتمع المدني من النقابات والمنظمات التي نشأت خلال الثورة سيعزز الشفافية في هذه الفترة الحساسة، ويسد الذرائع وينهي الكثير من الجدل البيزنطي مسبقاً.
وحول أبرز التحديات التي قد تواجه المرشحين والناخبين من منظور قانوني، قال مارديني: لعل أهم التحديات هي الخبرة والعلم القانوني، لي عتب على بعض الهيئات الناخبة لتعاملها مع هذه المسألة بعقلية الغنيمة والمكافأة، ثورية العضو المنتخب أمر إيجابي ويتيح له موثوقية شعبية وتقديراً، لكنه سيتعثر في مناقشة عشرات مشاريع القوانين المزمع إصدارها، فضلاً عن المشكلات الخدمية التي اعتاد برلمان النظام البائد على تداولها، والتي أرى أنها من اختصاص المجالس المحلية، هذه الضغوط ستستنزف وقت الأعضاء البرلمانيين.
وختم مارديني بالقول: ثقافة تشكيل مكتب استشاري للعضو البرلماني على غرار البرلمانيين الأوروبيين لا تزال مستجدّة، ولعلني أبذل وسعي لتنظيم بعضها بعد اقتراحها على بعض المرشحين، إذ غاب عن ذهنهم تنظيم العلاقات الداخلية والخارجية ومناقشة ما يتم تداوله تحت القبة مع فريق النائب البرلماني.